وكذلك ينبغي أن يكون الأمر بين أهل السنة من جهة وبين المخالفين لهم في السنة وهم المبتدعة من جهة أخرى، ولكن قد يختلف الأسلوب بين أهل السنة بين بعضهم البعض، وبين أهل السنة من جهة والمبتدعة من جهة أخرى، ذلك أن المفروض حينما يجري النقاش بين أهل السنة أنفسهم أن يلاحظوا في ذلك قوله تعالى الذي طبع به المسلمين عامة بمثل قوله عز وجل:{رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}[الفتح: ٢٩]، أما حينما يجري النقاش بين هؤلاء المسلمين من أهل السنة وبين أهل البدعة فقد يكون هناك شيء من الشدة والقسوة في الأسلوب تتلاءم مع إصرار أهل البدعة على بدعتهم، هذا فارق بين أهل السنة بين بعضهم البعض من جهة وأهل السنة حينما يناقشون أو يردون على أهل البدعة من جهة أخرى.
ولكن ينبغي أن نلاحظ في كل هؤلاء وهؤلاء أمراً لا نزكي به طائفة دون أخرى، أو نطعن في طائفة دون أخرى؛ بسبب: الإخلاء بمبدأ قوله تبارك وتعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}[النحل: ١٢٥]، فكثيراً ما يقع حينما يرد سني على سني يقع أن الرد لم يلتزم فيه الحكمة، بل لم يلتزم فيه ما هو أهم من ذلك وهو ما أشار إليه ربنا عز وجل في مثل قوله تبارك وتعالى:{وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}[المائدة: ٨]، فيقع في كثير من الأحيان أولاً: سوء الأسلوب في الرد من السني على السني، وأكثر من ذلك: عدم التزام الأمانة والصدق في الرد على بعضهم البعض، فهذا مع الأسف وقع قديماً ويتجلى الآن في العصر الحاضر حديثاً بصورة كنا نود ألا نراها واقعة في المجتمع السني الذي نسميه نحن: بالمجتمع السلفي.