للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحجة على فلان.

أنا شخصياً من الصعب أن أتصور أن أي شخصٍ يقول: أنا أقمت الحجة على فلان، أن كلامه مطابق للواقع، صعب أن أتصور هذه الحقيقة؛ لأني لا أجد، بل لا أكاد أتصور اجتماع الشروط في المبلغ لا المبلغ، فقد أحد الطرفين يختل فيه الأمر، فلا يصح أن يقال: أقمت الحجة على فلان هذا من جهة.

من جهة ثانية ما المقصود بقول من يدعي أنه أنا أقمت الحجة على فلان؟ هل المقصود تكفيره؟ تكفيره ما بيجعل حد فاصل بينه وبين الكفر إلا الشرك، فهو إذا اختار الكفر على الشرك فهو كافر بلا شك، أما ونحن نعيش اليوم في فوضى من الحرية لا حدود لها، والإنسان حر فيما يقول، وفيما يتصرف، فنقول: أنه أقمنا الحجة، فما الهدف من وراء ذلك تكفير؟ لا تستطيع أن تقول تكفير، أنا أقمت الحجة عليه فهو كافر؛ لأنه يقف في الطريق ما ذكرناه آنفاً.

إذاً: لم يبق هناك إلا أن كِلَا أمر هذا الإنسان إلى الله عز وجل، فهو الذي يعلم حقيقة هذا المبلِّغ وذاك المبلَّغ، أي: هل أقيمت الحجة على المبلغ أم لا؟ وربك العليم بما في الصدور فهو حسيبه، أما نحن فلنا ظاهر أي مسلم يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله إلا في النادر جداً جداً أن أتصور رجل عالم حقيقة في الكتاب والسنة، وفي الطرف الآخر المبلَّغ، تبلَّغَ الأمر وتفهمه، لكن عاند وكفر، فهذا هو الذي يمكن أن يقال: إنه كفر، مع أنه في مجتمعنا هذا لا يترتب وراء ذلك كبير أمر؛ لأن الأحكام الشرعية لا تطبق، هذا ما عندي ...

(الهدى والنور / ٢٤/ ٢٥: ٨.: .. )

<<  <  ج: ص:  >  >>