المتواردة والمتتابعة في كتاب الله وفي حديث رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - - نقوم بجهد من تبليغ الناس ما قد لا يعلمونه، ولكن هذا لا يعني أننا أصبحنا عند حُسْنَ ظن إخواننا بنا، ليس الأمر كذلك.
الحقيقة التي أشعر بها من قرارة نفسي أنني حينما أسمع مثل هذا الكلام أتذكر المثل القديم المعروف عند الأدباء، ألا وهو «إن البُغاث بأرضنا يَسْتَنْسِرُ»، «إن البُغاث بأرضنا يَسْتَنْسِرُ»، قد يخفى على بعض الناس المقصود من هذا الكلام أومن هذا المثل، البُغاث: هوطائر صغير لا قيمة له، فيصبح هذا الطير الصغير، نسراً عند الناس، لجهلهم بقوة النسر وضخامته، فصدق هذا المثل على كثيرٍ ممن يدْعُونَ بحق وبصواب، أوبخطأٍ وباطلٍ إلى الإسلام.
لكن الله يعلم أنه خَلَتِ الأرض - الأرض الإسلامية كلها - إلا من أفرادٍ قليلين جداً جداً ممن يصح أن يقال فيهم: فلان عالم، كما جاء في الحديث الصحيح الذي أخرجه الإمام البخاري في صحيحه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «إن الله لا ينتزع العلم انْتِزاعا من صدور العلماء ولكنه يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالماً - هذا هو الشاهد - حتى إذا لم يبقِ عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهَّالاً فَسُئِلوا فأفتوا بغير علمٍ فضلوا وأضلوا».
إذا أراد الله أن يقبض العلم، لا ينتزعه انتزاعاً من صدور العلماء، بحيث أنه يصبح العالم كما لو كان لم يتعلم بالمرة، لا، ليست هذه من سنة الله عز وجل، في عباده، وبخاصة عباده الصالحين - أن يَذْهَبَ من صدورهم بالعلم الذي اكتسبوه، إرضاءً لوجه الله عز وجل - كما سمعتم آنفاً - كلمة ولو وجيزة من الأخ إبراهيم بارك الله فيه أن هذا الاجتماع إنما كان لطلب العلم، فالله عز وجل