كان جالساً بين أصحابه ذات يوم حينما مر شاب فرأى أصحابه من قوته وجلده ونشاطه ما أعجبهم فقالوا: لو أن هذا كان في سبيل الله، فقال عليه الصلاة والسلام:«إن كان هذا خرج يسعى على أولاد له صغار فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله».
فإذاً: سبيل الله معنى واسع جداً يشمل كل عبادة وكل طاعة. فالخروج للدعوة في سبيل الله لا شك أن هذا أمر مشروع بل وقد يكون واجباً، فهو من الأمور التي يقال فيها في المثل العربي القديم: هذا أمر لا يختلف فيه اثنان ولا ينتطح فيه عنزان. لكن إذا أحاط بالخروج في الدعوة إلى الله عز وجل ما لم يكن في عهد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وكذلك في عهد السلف الصالح دخل الخروج في زمرة أو في عموم ما سمعتم من المحاضرة السابقة وحسبكم تذكيراً منها قوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار».
أنا أعتقد أن من كان عنده علم بسيرة الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - وسيرة الأصحاب الكرام والأئمة الأعلام وتاريخ الإسلام بعامة كل هذه القرون التي مضت إلى هذا العصر لن يجد خروجاً على النحو الذي جاء الإشارة إليه في السؤال.
في السؤال خروج ثلاثة أيام، في السؤال خروج أربعين يوماً، فيما لم يذكر خروج جماعة كثيرة فقيرة إلى قرية، إلى مدينة بل ربما إلى إقليم، بل ربما إلى بعض الدول الكافرة، أكثرهم يصدق فيهم قول الله عز وجل:{وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}[الأعراف: ١٨٧].
هذا الخروج الذي يصدق في هذه الجماعة، هذه الآية الكريمة:{وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}[الأعراف: ١٨٧] مقروناً بخروج مقيد بثلاثة أيام أو بأربعين يوماً هذا بلا شك زيادة دخلت في الدين في العصر الحاضر، ولن يستطيع عالم مطلقاً