للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم على ضوء تطبيق الرسول عليه السلام، لأن هذه الآية أول ما نزلت نزلت على قلب الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - فهو الذي سيتولى تطبيقها وبيانها للناس إما بقوله، وإما بفعله، وإما بتقريره.

والآن: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ} [آل عمران: ١٠٤] هذه الأمة هي جماعة تدعو إلى الخير وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ليس في مكان واحد، وإنما هذه الأمة - أي هذه الجماعة - توزع على المجتمع الإسلامي، فقد يكون هنا عالم أو اثنين أو ثلاثة وهناك كذلك، يعني يجب أن يحقق الفرض الكفائي الذي يعرفه الفقهاء بأنه إذا قام به البعض سقط عن الباقين.

إذا كان هناك قريتان مثلاً وفي إحداهما رجل عالم، عالم بمعنى الكلمة وهو يعلم أهل بلده لكنه لا يخرج إلى تلك القرية الأخرى التي ليس فيها عالم يبين لهم أحكام الله عز وجل، هذا العالم يجب ألا ينحصر في هذه القرية وإنما ينتقل إلى القرية الأخرى، أي: يحقق الواجب هناك وهناك. وإذا كان في القرية علماء كثيرون - وهذا مع الأسف غير متحقق في هذا الزمان حتى في كثير من البلاد الكبيرة - هؤلاء يجب أن يحققوا هذا الواجب الذي ذكره الله عز وجل في الآية السابقة.

إذاً كما قلت آنفاً: لا يتصور النقاش والنزاع والخلاف في موضوع الخروج لتعليم الناس وتبليغهم دعوة الله كما قلت آنفاً: هذه مسألة لا يختلف فيها اثنان ولا ينتطح فيها كبشان أو عنزان. ولكن من الذي يخرج؟ وكيف يخرج؟ هل يقيد خروجه بثلاثة أيام وأربعين يوماً؟ وهذا النظام ما جاء في الإسلام. ما هو المانع أنه يكون بدل ثلاثة أيام أربعة أيام إذا تيسر له ذلك؟ لماذا هذا التقييد؟ إذا ما تيسر له إلا يوم واحد لماذا ثلاثة أيام؟ ولماذا ما هو عشرة ما هو خمسة عشرة؟ ولماذا

<<  <  ج: ص:  >  >>