الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل: ٤٣] أكثر الصحابة الذين يعدون الألوف المؤلفة كانوا مخاطبين بهذه الآية.
أهل الذكر منهم؟ يقول ابن قيم الجوزية تلميذ ابن تيمية، يقول: الصحابة العلماء الذين كانوا يفتون أولئك الجمهور هم يعني يبلغون المائة، عفواً المائتين أو يزيدون قليلاً أو يقلون، فقهاء الصحابة إذاً نحو مائتين والباقي واجبهم أن يسألوا هؤلاء.
ترى! حينما أرسل رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - معاذاً إلى اليمن هل خرج أحد من هؤلاء صحبة هذا العالم أو ذاك العالم من أصحاب الرسول عليه السلام؟ الجواب: لا. وهذا هو التاريخ بين أيدينا. لذلك نحن بالإفاضة إلى ما قلنا آنفاً أن هذا الخروج المقنن الموصوف بهذه الصفة بالرغم أنه يخالف ما كان عليه السلف، والعلماء دائماً يقولون:
وكل خير في اتباع من سلف ... وكل شر في ابتداع من خلف
نحن حينما نتحدث عن أمر ما إنما نتحدث عن الطريق والسلوك الذي يجب على المسلمين الذين يريدون أن يتقربوا إلى الله زلفى، لا نتكلم عما في نياتهم من حسن القصد وحسن العبادة والتقرب إلى الله هذا أمر لا نتدخل فيه، لأنه لا يعلم ما في الصدور إلا الله عز وجل، مع ذلك فنحن قد شاهدنا كثيراً من هؤلاء الذين يخرجون ذلك الخروج الذي يسمونه في سبيل الله، رأينا في سوريا ودمشق وحماه وحلب ونحو ذلك كذلك في عمَّان ناساً طيبين صالحين يخرجون لله عز وجل، لكن الأمر لا يكفي أن يكون القصد حسناً، لا بد أن يقترن مع القصد الحسن مع النية الحسنة العلم النافع. وألقينا كلمة منذ أيام قريبة حول قوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ