للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مطلقاً ومقيداً».

قلت: وهذا الارتباط بين الظاهر والباطن مما قرره - صلى الله عليه وسلم - في قوله الذي رواه النعمان بن بشير قال:

«كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسوي صفوفنا حتى كأنما يسوي بها القداح (١)، حتى رأى أنَّا قد عقلنا عنه، ثم خرج يوماً، فقال:

«عباد الله! لَتُسَوُّنَّ صفوفكم أو لَيُخالِفَنَّ الله بين وُجوهِكُم، وفي رواية: قلوبكم» (٢).

فأشار إلى أن الاختلاف في الظاهر - ولو في تسوية الصف - مما يوصل إلى اختلاف القلوب، فدل على أن الظاهر له تأثير في الباطن، ولذلك رأيناه - صلى الله عليه وسلم - ينهي عن التفرق، حتى في جلوس الجماعة، ويحضرني الآن في ذلك حديثان:

١ - عن جابر بن سمرة قال:

«خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فرآنا حِلقاً (٣)، فقال: مالي أراكم عِزين؟ ! (٤)» (٥).


(١) جمع (قدح)، وهو السهم قبل أن يراش ويُنصَّل.
(٢) أخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحهما"، والرواية الأخرى لأبي داود بسند صحيح، انظر كتابنا "صحيح أبي داود " (رقم ٦٦٨ - ٦٦٩).
(٣) هو بكسر الحاء وفتحها لغتان، جمع حلقة بإسكان اللام، وحكى الجوهري وغيره فتحها في لغة ضعيفة.
(٤) أي: متفرقين جماعة، وهو بتخفيف الزاي، الواحدة: عزة. معناه النهي عن التفرق والأمر بالاجتماع. كذا في "شرح مسلم" للنووي.
(٥) أخرجه مسلم (٢/ ٣١)، وأحمد (٥/ ٩٣)، والطبراني في "المعجم الكبير".

<<  <  ج: ص:  >  >>