الأمر الأول: أن هذه النسبة ليست نسبة إلى شخص أو أشخاص، كما هي نِسَب جماعات أخرى موجودة اليوم على الأرض الإسلامية، هذه ليست نسبة إلى شخص ولا إلى عشرات الأشخاص، بل هذه النسبة هي نسبةٌ إلى العصمة؛ ذلك لأن السلف الصالح يستحيل أن يُجْمِعوا على ضلالة، وليس كذلك الخلف، الخلف لم يأت في الشرع ثناء عليهم، بل جاء الذم في جماهيرهم وذلك في تمام الحديث السابق، حيث قال عليه السلام:«ثم يأتي من بعدهم أقوام يشهدون ولا يستشهدون» ... إلخ الحديث» كما أشار عليه السلام إلى ذلك في حديث آخر في مدحٍ لطائفة من المسلمين وذم لجماهيرهم بمفهوم الحديث، حيث قال عليه السلام:«لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله، أوحتى تقوم الساعة».
فهذا الحديث خص المدح في آخر الزمان بطائفة، والطائفة هي الجماعة القليلة، فإنها في اللغة تطلق على الفرد فما فوق، فإذاً: إذا عرفنا هذا المعنى في السلفية وأنها تنتمي إلى جماعة السلف الصالح، وأنهم العصمة فيما إذا تمسك المسلم بما كان عليه هؤلاء السلف الصالح، حينئذٍ يأتي الأمر الثاني الذي أشرت إليه آنفاً، ألا وهو أن كل مسلم يعرف حينذاك هذه النسبة وإلى ماذا ترمي من العصمة فيستحيل عليه بعد هذا العلم والبيان أن - لا أقول أن يتبرأ، هذا أمر بدهي- لكني أقول: يستحيل عليه إلا أن يكون سلفياً؛ لأن ما فهمنا أن الانتساب إلى السلفية يعني: الانتساب إلى العصمة، من أين أخذنا هذه العصمة؟
نحن نأخذها من حديث يستدل به بعض الخلف على خلاف الحق، يستدلون به على الاحتجاج بالأخذ بالأكثرية بما عليه جماهير الخلف، حينما يأتون بقوله عليه السلام:«لا تجتمع أمتي على ضلالة» لا يصح تطبيق هذا الحديث على