للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كثير من الفرق القديمة والحديثة لا تنتبه لهذا القيد المذكور في الآية وفي هذا الحديث، حديث الفرق الضالة، حيث جعل من صفة الفرقة الناجية، بل علامة الفرقة الناجية: أنها تكون على ما كان عليه الرسول وأصحابه أيضاً.

مثل هذا الحديث تقريباً حديث العرباض بن سارية، وهومن أصحاب النبي من أهل الصفة الذين كانوا فقراء يلزمون المسجد، ويلزمون حلقات الرسول عليه السلام وتلقى العلم من كتاب الله ومن فم رسول الله غضاً طريا، قال العرباض هذا: وعظنا رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - موعظة وجلت منها القلوب، وذرفت منها العيون.

فقلنا: أوصنا يا رسول الله قال: «أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن وَليَ عليكم عبد حبشي، وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كلَّ محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة».

الشاهد من هذا الحديث: أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يقتصر على حض المسلمين حينما يختلفون قال عليه السلام «إنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيرا».

لذا أجاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كما هو أسلوب الحكيم، ومن أحكم منه من بعد أحكم الحاكمين؟

لا أحد في البشر أحكم من رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ولذلك فحينما قال: «وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيرا» أجاب عن سؤال مفروض؛ فماذا نفعل يا رسول الله قال: «فعليكم بسنتي»؟ ولم يكتف عليه السلام بأمر الذين يعيشون في وقت الاختلاف كوقتنا هذا، لم يكتف بقوله: «عليكم بسنتي» فقط، وإنما عطف على

<<  <  ج: ص:  >  >>