للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن مناقشة هذه القاعدة وبيان ما عليها من اعتراضات، وأنها أقيمت على دليل كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء.

ولذلك نكتفي الآن ببيان أن هذه العقيدة: أي أن المسلم لا يجوز له أن يتبنى عقيدة من حديث صحيح، من حديث صحيح لكن لم تصدق عليها فلسفة: قطعي الثبوت، فهو ليس قطعي الثبوت، لكنه قطعي الدلالة، من أين جاءوا بهذا؟ . لا دليل عليه، لا من الكتاب ولا من السنة، ولاما كان عليه السلف، بل ما كان عليه السلف ينقض هذا الذي تبناه بعض الخلف، منهم المعتزلة قديماً، وأتباعهم اليوم في هذه العقيدة وهم حزب التحرير.

أقول الآن شيئا ولعله نمر مرًّا سريعا حتى نتابع الحديث؛ كلنا يعلم أن النبي صلى الله علي وآله وسلم حينما أرسله الله عز وجل بشيرا ونذيرا، وقال له: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} [المائدة: ٦٧] كان تبليغه عليه الصلاة والسلام رسالته إلى الناس تارة بشخصه حينما كان يحضر ندواتهم ومجتمعاتهم فيخاطبهم مباشرة، وتارة يرسل رسولا من طرفه يدعوا المشركين إلى أتباع دعوة النبي الكريم، وتارة يرسل خطابا كما هو معلوم من السيرة إلى هرقل ملك الروم وإلى كسرى ملك فارس وإلى و .. و .. الخ أمراء العرب كما هو مشروح في كتب السيرة النبوية.

ومن ذلك أنه أرسل على اليمن معاذ بن جبل وأبا موسى الأشعري وعلى بن طالب، وأرسل إلى الروم دحية الكلبي و ... والخ.

هؤلاء كانوا أفرادا لا يمثلون، أولا يمثل خبرهم الخبر القطعي؛ لأنهم أفراد فمعاذ في مكان، وأبو موسى في مكان وعلي في مكان، وقد يختلف أيضا الزمان، كما اختلف المكان.

<<  <  ج: ص:  >  >>