وثانياً: مراعاة لمصلحته المستقبلة، ومصلحة أولاده أيضاً الآتية، فإن الولد إذا تولى تربيته الكافر النصراني، فمصيره لا شك أحد أمرين، إما أن يتنصر وإما أن يلحد، فهو ليس بالمسلم وليس بالنصراني، ولا نريد أن نفضل النصرانية على المجوسية، فالكفر كله ملة واحدة لكن بلا شك الإلحاد شر من الأديان الأخرى على ما فيها من انحراف كالشيوعية ونحو ذلك.
على هذا يتبين بوضوح لا خفاء فيه أنه إذا كان الوالد مسؤولاً عن تربية ولده، فلا يجوز لمن كان من هؤلاء الآباء مؤمناً بالله ورسوله حقاً أن يولي تربية ولده أو أولاده وبخاصة إذا كانوا في نعومة أظفارهم؛ لأن الولد في هذه السن قابل بيسر لتطويره من الخير إلى الشر، ومن الشر إلى لخير، فلا يجوز للمسلم أن يولي تربية ولده للكافر الذي لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر، وليت شعري كيف تطيب نفس الأب المسلم إذا كان مؤمناً حقاً، أن يسمع مثل قوله تعالى:{قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}[التوبة: ٢٩].
أقول: ليت شعري كيف تسمح نفس أب مسلم يسمع هذه الآية تأمر المسلمين بمقاتلة هؤلاء النصارى فهو يسلم فلذة كبده لعدوه المبين ليربيه وليعلمه، ماذا يعلمه؟
قد يكون عذر هؤلاء أن الولد يتعلم اللغة الأجنبية، اللغة الانجليزية مثلاً، واللغة الفرنسية، أنا قلت: لا ننكر نحن أن الإسلام لا ينهى المسلم أن يتعلم لغة أمة أخرى وبخاصة إذا كانت عدوة للأمة المسلمة، الإسلام لا ينهى عن تعلم