أفراد المسلمين الصالحين منهم الذين يقومون الليل ويصومون النهار ومع ذلك فهم لا يقفون عند هذه النعمة من كمال الدين، فيتعبدون الله عز وجل بما لم يأتِ في الدين ولم يبينه رسول رب العالمين.
هذا الذي أردت توضيحه بعد ذلك الإجمال حينما قلنا أصلان لا بد لكل مسلم أن يدين الله بهما، الأصل الأول: ألا يعبد إلا الله. والأصل الثاني: ألا يعبده إلا بما شرع الله، لم؟ لأن الدين قد أكمله الله تبارك وتعالى.
هذه الحقيقة - مع الأسف - غائبة عن أذهان كثير من المسلمين المتعبدين والمتفقهين، ذلك لأن الإسلام اليوم وقد مضى عليه أربعة عشر قرناً قد دخل فيه مع الزمن ما ليس منه، ولذلك جاءت الأحاديث الصحيحة عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - والآثار السلفية تحذر من الإدخال لشيء ما في الدين باسم التقرب إلى الله تبارك وتعالى، ذلك لأن الله عز وجل قد كفانا مؤنة الإحداث والإدخال في الدين ما لم يكن منه كما سمعتم آنفاً من الآية التي نزلت في عرفة.
وأكد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - هذا المعنى الذي تضمنته الآية الكريمة في بعض الأحاديث الصحيحة التي منها قوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «ما تركت شيئاً يقربكم إلى الله ويبعدكم عن النار إلا وأمرتكم به، وما تركت شيئاً يبعدكم عن الله ويقربكم إلى النار إلا ونهيتكم عنه» إذاً انتهى باب العبادة، فلا سبيل لأن يتعبد المسلم إلا بما جاءنا به رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -.
من أجل هذا جاءت الأحاديث الكثيرة والكثيرة جداً وكذلك الآثار عن الصحابة والسلف الصالح تنهى المسلمين من الإحداث في الدين، تنهاهم نهياً مطلقاً دون أن يدخل هذا النهي شيء من التخصيص أو التقييد، وبعض هذه الأحاديث معروفة ولكن قل من يقف عند دلالتها العامة.