للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٢/ ٣٦ - ٣٧): " حد العلم عند العلماء ما استيقنته وتبينته، وكل من استيقن شيئا وتبينه فقد علمه، وعلى هذا من لم يستيقن الشيء، وقال به تقليدا، فلم يعلمه، والتقليد عند جماعة العلماء غير الاتباع، لأن الاتباع هو أن تتبع القائل على ما بان لك من صحة قوله، والتقليد أن تقول بقوله وأنت لا تعرفه ولا وجه القول ولا معناه ".

ولهذا قال السيوطي رحمه الله: " إن المقلد لا يسمى عالما " نقله السندي في حاشية ابن ماجة (١/ ٧) وأقره. وعلى هذا جرى غير واحد من المقلدة أنفسهم بل زاد بعضهم في الإفصاح عن هذه الحقيقة فسمى المقلد جاهلا فقال صاحب " الهداية " تعليقا على قول الحاشية: " ولا تصلح ولاية القاضي حتى ... يكون من أهل الاجتهاد " قال (٥/ ٤٥٦) من " فتح القدير ": " الصحيح أن أهلية الاجتهاد شرط الأولوية، فأما تقليد الجاهل فصحيح عندنا، خلافا للشافعي ".

قلت: فتأمل كيف سمى القاضي المقلد جاهلا، فإذا كان هذا شأنهم، وتلك منزلتهم في العلم باعترافهم أفلا تتعجب معي من بعض المعاصرين من هؤلاء المقلدة كيف أنهم يخرجون عن الحدود والقيود التي وضعوها بأيديهم وارتضوها مذهبا لأنفسهم، كيف يحاولون الانفكاك عنها متظاهرين بأنهم من أهل العلم لا يبغون بذلك إلا تأييد ما عليه العامة من البدع والضلالات، فإنهم عند ذلك يصبحون من المجتهدين اجتهادا مطلقا، فيقولون من الأفكار والآراء والتأويلات ما لم يقله أحد من الأئمة المجتهدين، يفعلون ذلك، لا لمعرفة الحق بل لموافقة العامة! وأما فيما يتعلق بالسنة والعمل بها في كل فرع من فروع الشريعة فهنا يجمدون على آراء الأسلاف، ولا يجيزون لأنفسهم مخالفتها إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>