للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالجنة، ثم لما خصص ابن مسعود (١) ومن معه فيه تنبيه على أنهما لهم أيضًا مكانة في الصحبة وفي العلم بما كان عليه - صلى الله عليه وآله وسلم -، هذا أسلوب معروف، كما نعود لنقول: لماذا خص الصحابة في ذاك الحديث من بين القرون التي تأتي بعد الصحابة؟ وقد شملهم جميعًا في الحديث الصحيح بل المتواتر: «خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم» ففي هذا الحديث ذكر ثلاثة قرون، وحديث الفرق ذكر القرن الأول، لماذا خصهم بالذكر؟ لأنهم أفضل من القرون التالية وهكذا، فتخصيص الشخص أو الجماعة أو أي شيء، أو أي حكم بالذكر يدل على أن له عناية خاصة في الشرع.

من أشهر الأمثلة التي تُقَرِّب إليكم هذا الذي نقول: قول - صلى الله عليه وآله وسلم -: «الحج عرفة» من لم يكن عارفًا بهذا الأسلوب الذي لفت النظر إليه آنفًا يفهم أن الإنسان إذا وقف في عرفات فقط هذا هو الحج فليس عليه طواف ولا عليه سعي؛ لأن الرسول حصر الحج في الوقوف بعرفة، والأمر ليس كذلك، إذًا: لماذا ذكر الرسول عرفة بين سائر الأركان أو الفرائض في الحج؟ قالوا: ذلك تنبيه منه عليه الصلاة والسلام؛ لأن الوقوف في عرفة هو من أعظم أركان الحج، فلا صحة في الحج إلا بالوقوف في عرفه وغيره.

(رحلة النور ٤٨ أ/٠٠: ٠٨: ٢٢)


(١) كذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>