للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لاشك أن البدعة: هي كل أمر حدث بعد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يراد به زيادة التقرب إلى الله تبارك وتعالى، أما أن البدعة هي المخالفة للسنة، فهذا أمر لا خلاف فيه، ولكن هناك شيء قد يخفى على كثير من طلبة العلم، بل وعلى بعض الخاصة أيضاً، وهذا الذي ينبغي أن أدندن بكلامي حوله، وبالتالي يتبين لك هل يجوز للباحث أن يطلق لفظة البدعة على مسألة فقهية، قد قال بوجه من وجوه الخلاف فيها بعض أهل العلم، أُقَدِّم ذلك بمثال بسيط جداً: لاشك أنه لا يتبادر إلى ذهن أحد من عامة المسلمين فضلاً عن خاصتهم لا يتبادر إلى أذهان هؤلاء أن أحداً من علماء المسلمين يحلل ما حرم الله، أو على العكس من ذلك يحرم ما أحل الله، هذا الكلام هو صحيح، ولكن لابد من تقييده، وإذا قيد وجدنا بعد ذلك أن الأمر يختلف كل الاختلاف بحيث يمكن أن يقول طالب العلم: قد يحرم الإمام أو المجتهد شيئاً أحله الله، والعكس بالعكس تماماً؛ لأن الأمر يعود إلى الاجتهاد الذي اجتمع عليه أهل العلم على جوازه، بل على وجوبه حينما لا يجدون نصاً قاطعاً في المسألة التي أرادوا بحثها والإجابة عليها، كما في قوله عليه السلام: «إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر واحد».

فنحن إذا وقفنا قليلاً عند قوله عليه السلام: «وإن أخطأ فله أجر واحد».

هذا الخطأ لمن تبين له أنه خطأ من عالم أو طالب علم، أو عامي تبين له بوجه من وجوه البيان، أنه خطأ من ذاك الإمام، فمن البداهة بمكان أن يقال: لا يجوز تقليد هذا الإمام في هذا الخطأ الذي تبين للناس خطؤه، وهذه مقدمة لا يختلف فيها اثنان، ولا ينتطح فيها عنزان، أو على الأقل لا ينبغي أن يختلف فيها، إذاً الأمر كذلك هذا الخطأ الذي أخطأ فيه ذاك الإمام، وكان له أجر هذا الأجر ليس لذات خطئه، وإنما لخصوص اجتهاده فإنه اجتهد أفرغ الجهد لمعرفة الحق الذي

<<  <  ج: ص:  >  >>