للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ينتحر انتحاراً بمعنى: خلاصاً من مصائب؛ من ضيق ذات اليد، من مرض ألم به، حتى صار مرضاً مزمناً، ونحو ذلك، فهذا الانتحار للخلاصة من مثل هذه الأجواء بلا شك أنه حرام، وأن هناك أحاديث صحيحة في البخاري ومسلم: أن من قتل نفسه بسم، أو بنحر نفسه، أو نحو ذلك؛ بأنه لا يزال يعذب بتلك الوسيلة يوم القيامة، حتى فهم بعض العلماء بأن الذي ينتحر يموت كافراً؛ لأنه ما يفعل ذلك وإلا وقد نقم على ربه عز وجل ما فعل به من مصائب لم يصبر عليها.

المسلم بلا شك لا يصل به الأمر إلى أن يفكر في الانتحار فضلاً عن أن ينفذ فِكْرَة الانتحار.

ذلك لأن المسلم وهنا مثال للموضوع السابق: أن العلم يجب أن يقترن به العمل، وإذا كان ليس هناك علم صحيح فلا عمل صحيح.

حينما يعلم المسلم ويُرَبِّى المسلم على ما جاء في الكتاب والسنة تختلف ثمرات انطلاقاته في الحياة الدنيا، وتختلف أعماله فيها عن أعمال الآخرين الذين لا أقول: لم يؤمنوا بالله ورسوله، لا، آمنوا بالله ورسوله، ولكن ما عرفوا ما قال الله ورسوله، فمما قال الله عز وجل على لسان نبيه - صلى الله عليه وآله وسلم -: «عجباً لأمر المؤمن كله، إن أصابته سراء حمد الله وشكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له -فأمر المؤمن كله خير- وليس ذلك إلا للمؤمن».

فمن أصابه مرض مزمن، من أصابه فقر مدقع فهو مؤمن، ما بتفرق معه.

إن كان صحيح البنية أو كان عليلها، إن كان غني المال أو كان فقيره، ما بتفرق معه؛ لأنه كما يقال في بعض الأمثال العامية؛ هو كالمنشار على الطالع وعلى النازل هو مأجور يأكل الحسنات، إن أصابته سراء شكر الله عز وجل فأثيب خيراً، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له.

من إذا الذي ينتحر؟ هذا في الغالب لا يكون مؤمناً، لكن يمكن نستطيع أن

<<  <  ج: ص:  >  >>