إذن ليس علينا في زمن الفتن هذه التي أحاطت بنا إلا أن نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر وفي حدود «لا يكلف الله نفسا إلا وسعها» وأنا أذكر بمثل قوله تعالى {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا}[الكهف: ٦] لا شك ولا ريب أبدا أن هناك فَرْقاً واضحاً بين كفر الكفار وعنادهم المستمر مع رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في إعراضهم عن الإيمان بصدق نبوة الرسول عليه السلام حتى وعظه الله عز وجل بمثل هذه الآية فقال له {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا}[الكهف: ٦] أي لم يؤمنوا بالقران وببعثة الرسول عليه السلام قلت لا شك أنه هناك فرق كبير بين كفر الكفار الذين عناهم القرآن بهذه الآية وبين هؤلاء المسلمين الذين ينحرفون في كثير من الأحكام الشرعية عنها { ... فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ ... }[فاطر: ٨] وهنا تأتي الآية السابقة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ... }[المائدة: ١٠٥] وبخاصة إذا كنا نحن نقوم بما نستطيع من تطبيق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي ذكره أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه خشية الاضطرار والوقوف عند ظاهر الآية {عليكم أنفسكم} أي لا تأمروا بالمعروف ولا تنهوا عن المنكر ليس هذا هو المقصود من الآية ولكننا نصل إلى الحقيقة السابقة وخلاصتها أننا نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر في حدود الاستطاعة ولا يضرنا بعد ذلك ضلال من ضل وابتعد عنا، هذا ما عندي، والله أعلم.