وفي الأخلاق من أكبر أسباب الانهزام وعدم الثبات، فأنت الآن تستطيع أن تأخذ الجواب؛ لأني لا أستطيع أن أحكم على الناس الغائبين، لكن إذا جاز لنا أن نقيس الغائب على الحاضر فالعالم الإسلامي كله متفرق منشق بعضه على بعض، ولذلك لا ينجح الجهاد إلا بعد هذه التصفية التي أشرنا إليها أن يقوم بها طائفة من المسلمين يربون تربية إسلامية صحيحة فإذا انتهوا من هذا الدور الذي لا بد منه حينئذٍ يأتي دور الجهاد، فإن كنت تعتقد أن هؤلاء الذين تقول إنهم يجاهدون الكفار هم انتهوا من جهاد أنفسهم كما قلنا في الأمس القريب في المجتمع كان هامًا ما شاء الله قلنا: إن بعض المعاصرين من الدعاة يقول: أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم تقم لكم في أرضكم.
فإن كان هؤلاء المجاهدون انتهوا من هذه المرحلة فنحن نهنئهم ونؤيدهم في جهادهم لأولئك الكفار، أما إن كانوا هم لا يزالون هذا حنفي وهذا شافعي وذاك شاذلي وقادري وما أدري ماذا هناك من مذاهب وطرق شتى، هذا .. وهناك أسماء أخرى، المهم: أنهم لا يستطيعون أن يجاهدوا لأنهم متفرقون.
وإذ الأمر كذلك يعود الأمر إلى ما جاء في الجواب عن السؤال الأول، لا بد للمسلمين في كل منطقة يعيشون فيها كما قلنا في الأمس بشيء من التفصيل: من التصفية والتربية، أن يفهموا الإسلام بشهادتيه: لا إله إلا الله محمد رسول الله، يعبدوا الله وحده لا شريك له، ثم لا يعبدون الله إلا بما شرع الله على لسان نبيه عليه السلام، هذا المعنى المُتَضَمَّن بهاتين الشهادتين في اعتقادي العالم العربي الصميم في العروبة لم يفهموا بعد فضلًا عن بعض البلاد الأخرى، إما هي عربية دخلتها العجمة، أو هي أعجمية في الأصل فأنى لهم أن يفهموا هذا الفهم الصحيح.
إذًا: علينا أن نتأسي برسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، أولًا: أن نفهم ما جاءنا به حق الفهم، وثانيًا: أن ندعو الناس إلى ذلك، فإذا اجتمع الناس على هذا الفهم الصحيح حينذاك نقول: يجب الجهاد في سبيل الله وإعلاء كلمة الله حتى تكون كلمة الله هي العليا وكلمة الكفار هي السفلى.