يصلحون ما أفسد الناس، ليس فقط في العقيدة وفي الفقه والعلم، بل وفي كل شيء من شؤون الحياة، منها الانطلاق لإقامة حكم الله في الأرض، فكما بدأ الرسول عليه السلام يجب نحن أن نبدأ، الحقيقة إنه المسائل التي تُبذل للوقوف في وجه هؤلاء الناس ممن أشرت إليهم من المسلمين المنحرفين، أومن غير المسلمين، لا سبيل إلى أن نقف أمامهم إلا بالعلم الذي أنزله الله على قلب محمد عليه السلام، كما أنت أشرت في تضاعيف كلامك، لأن القوة والدولة معهم اليوم، فنحن لا نستطيع أن نعمل شيئاً سوى كما قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ}[المائدة: ١٠٥] متى عليكم أنفسكم؟ حينما يقوم كلٌّ منا بواجبه من الدعوة إلى دينه للذين من حوله، ثم يوسع الدائرة بقدر الإمكان، فمنهم من لا يستطيع أن يوسعها ولا يخرجها من بيته، ومنهم .. ومنهم .. كما لا يخفى، أما أن نصل فسوف لا يكون بتنظيمنا احنا وتحزيبنا احنا، إنما سيكون ذلك من فضل الله عز وجل علينا؛ لأنه هو الذي سيهيئ للمسلمين الظرف الذي يمكنهم من أن يخرجوا عن كونهم مستضعفين في الأرض إلى أن يصبحوا أسياداً كما كان شأن الأولين من المسلمين، فلذلك أنا أرى من الخطأ أن ننسى أنفسنا إصلاح أنفسنا، والاهتمام بالأقربين منا في سبيل الدعوة العامة هذه التي يهتم بها الآخرون فتنسيهم أنفسهم.
الآن نحن علينا أن نعمل فيما نستطيع، وسيتلو بعد هذا العمل شيء من الاتفاق والاتحاد والقوة التي لا نستطيع نحن أن نتصورها بسبب ما يحيط بنا نحن معشر المسلمين في كل العالم الإسلامي من أعداء بعضهم ظاهرون وبعضهم مختفون، والأمر كما قال تعالى:{حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ}[يوسف: ١١٠] .. {أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ}[البقرة: ٢١٤].