للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليس مؤمنين بكثير مما جاء عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -.

فإذاً إذا جاء نص قوله تعالى: {عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الأَعْمَى} [عبس: ١ - ٢] إذاً هذا مثال واقعي، كيف نقول أن الرسول عليه السلام لا يجتهد، هاهو قد اجتهد ولكنه لم يقر، {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى * أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى} [عبس: ٣ - ٤]، وكثير من الأحكام التي صدرت عن الرسول عليه السلام توحي إلينا من كلامه عليه السلام لا من كلام رب العالمين أنها اجتهاد منه.

وقريباً ذكرنا بمناسبة أن امرأة قادرة من الصحابيات الفضليات اسمها فاطمة بنت قيس، سافر عنها زوجها وقد طلقها تطليقتين، ثم أرسل إليها بالطلقة الثالثة، وكان لهذا المطلق المسافر وكيل في المدينة، فجاء إليها وبلغها تطليق زوجها الطلقة الثالثة، وطلب منها أن تخرج من دار زوجها؛ لأنها أصبحت بائنة منه بينونة كبرى، ما كان عندها علم أن المطلقة ثلاثاً ليس لها نفقه ولا سكن، فتجلببت وذهبت إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وقصت قصتها للنبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، أي أن زوجها طلقها طلقة ثالثة وأرسل إلى وكيلها وجاء إلي وطلب مني السكن، فقال عليه السلام: ليس لك نفقة ولا سكنى اذهبي -هنا الشاهد- اذهبي إلى بيت أم شريك -وكانت امرأة فاضلة أيضاً من المهاجرات وكان المهاجرون يترددون على دارها- فقال لها: اذهبي إليها، ثم قال: لا -هنا انتبهوا- إذاً لما قال لها اذهبي كان هذا اجتهاد من عنده لأنه عقد هذا القول اذهبي قال: «لا اذهبي إلى ابن أم مكتوم، فإنه أعمى فإنك إن وضعت خمارك عن رأسك لا يراك ... » إلى آخر الحديث.

فإذاً في آن واحد يصدر من الرسول عليه السلام شيء ثم يصدر منه شيء آخر فهذا أكبر دليل إنه عليه الصلاة والسلام يجتهد، ولكن الفرق كما قلنا آنفاً وأكرر هذا على مسامعكم لكي تنتهوا إلى الحقيقة المقطوع بها أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ليس كمثله شيء في البشر، النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ليس كمثله في البشر، فهو إذا اجتهد فأخطأ لا يقر، ينبه

<<  <  ج: ص:  >  >>