البيان .. بيان وجه الحق في هذا المنكر وإن أصابه ما أصابه من الشر والضر، فماذا في الجواب عن ذلك?
الشيخ: أقول أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - حينما أمر المسلمين أن يأمروا بالمعروف فقد جعل الأمر على ثلاثة مراتب، ذلك قوله عليه الصلاة والسلام الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان، هذا الحديث في الواقع له علاقة بالشخص الآمر من جهة وبالمجتمع الذي هو يحياه من جهة أخرى، أما علاقة الحديث بالشخص الآمر ذلك لأن الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر يختلفون اختلافاً شديداً من حيث قوة إيمانهم، فمنهم القوي الذي لا تأخذه في الله لومة لائم، فهو يغير المنكر ولو ترتب من وراء ذلك هلاك نفسه، وعلى هذا جاء الحديث ألا وهو قوله عليه السلام: أفضل الجهاد كلمة حق عند إمام جائر، لكن والأمر مشاهد ومعروف في كل التاريخ الإسلامي سواء الذي جاء به محمد عليه السلام أو ما كان عليه الأنبياء والرسل الكرام من قبل فالناس في ذلك متفاوتون أشد التفاوت، طبيعة الإنسان تختلف من ضعف وقوة، ولذلك الشارع الحكيم الذي أوحى إلى نبيه الكريم بمثل هذا الحديث لاحظ تفاوت الناس في إيمانهم فجعل المرتبة العليا في الأمر بالمعروف هو التغيير باليد، من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، يعني نزل منزلة أخرى وهي التغيير بلسانه وبكلامه، وقد يصل الضعف بإنسان ما أنه لا يستطع أن يغير لا بيده ولا بلسانه حين ذاك فأقل درجات التغيير هو أن يغير بقلبه، وأن يقول بلسان حاله وقد يقول ذلك بلسان قاله: اللهم إن هذا منكر لا نرضى به، هذا فيما يتعلق بالشخص، وقد يتعلق بالمجتمع كما شرحت آنفاً إنسان قوي وليس هناك أقوى أحد بعد رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، وكما ألمحت بل صرحت آنفاً بأن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - حينما فتح الله عز وجل على يديه مكة
المكرمة كان في منتهى القوة من حيث أنه يتمكن من التغيير، لكنه