من جهة، ومن جهة أخرى نحن نختلف عن سائر الجماعات وسائر الأحزاب؛ لأننا لسنا حزباً ولسنا كتلة، وإنما نحن المسلمون ونحاول أن نسير في إسلامنا على منهج سلفنا الصالح رضي الله عنهم أجمعين، وكلنا يعلم بالضرورة أنهم ما كانوا يوماً ما يخطر في بالهم فضلاً عن أن يحققوا ذلك في حياتهم، أن يستحلوا بعض المحرمات في سبيل تحقيق بعض الغايات الإسلامية، كيف والآية السابقة تقول:{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ}[الطلاق: ٢ - ٣].
منطق من يقول بجواز ارتكاب بعض المخالفات لتحقيق بعض الغايات الشرعية، منطق هؤلاء يعكس الآية السابقة، ويعني منطقهم أن من يتق الله في العصر الحاضر، يطبق أحكام الشريعة بكاملها، فسوف تكون دعوته محصورة ضيقة، ولذلك فلا بد من تجاوز بعض الأمور التي لم يأذن بها الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم -؛ لكي نتمكن من توسيع دائرة الدعوة.
أنا أقول إن هناك نذراً تبشر بشر خطير، إذا لم يتدارك أهل الدعوة الحق أمرهم قبل أن يستفحل شأنهم، ذلك أننا نسمع ما بين آونة وأخرى أنهم يرتكبون محظورات كثيرة في سبيل ما يسمونه بنشر الدعوة، ما هي الدعوة التي يريدون نشرها؟ أهي دعوة الكتاب والسنة أم هو شيء آخر، سيقولون معنا: بل هي دعوة الكتاب والسنة.
لكن هم يعلمون مثلاً أن الإسلام يحرم على المرأة أن تسافر مع غير محرم، فكيف وبعضهم قد أذن لجماعات من النساء قد يكون عددهن بالعشرات أو بالمئات ثيبات وأبكاراً أن يسافرن بغير محارم؛ وزعموا أن الغاية في سبيل نشر الدعوة، وهنا لا بد لي من أن أقف قليلاً.
في اعتقادي من مصائب هذا العصر وبدعه التي لا يكاد يتنبه لها كثيراً من أهل الفضل، فضلاً عن غيرهم، أن الناس انقسموا إلى قسمين، دعاة وغير دعاة، ثم انقسم الدعاة إلى ذكور وإناث، فصار هناك دعاة وصار هناك