للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتجاوب مع الطيَرة أولا يتجاوب، ولا بأس أن نلفت نظركم لماذا سميت الطيرة، كانوا في الجاهلية من خرافاتهم وضيق عقلهم، كما تعرف حتى اليوم الكثير من الأمم المتحضرة -زعمت-، لكنها في الحضيض من سلامة العقل، حتى الأوروبيين والأمريكيين وغيره، لأن هؤلاء بشهادة القرآن -لا تغفلوا عن القرآن- لا عقول لهم، أنتم بتظنوا أنهم عقلاء، ويجب أن نفرق هم أذكياء وليسوا عقلاء، هم أذكياء لذلك صعدوا إلى السماء إلى القمر إلى إلى النجوم هذه الأخرى- والحبل جرّار كما يقال-، هؤلاء أذكياء ولكنهم ليسوا عقلاء: {وَقَالُوا لَوكُنَّا نَسْمَعُ أَونَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [الملك: ١٠]، الشاهد: العرب في الجاهلية كانوا يتطيرون، كان أحدهم إذا عزم على السفر وشدّ الرحل وخرج من داره فهو ينظر أول طير يراه، والطير لابد حينما يرى الإنسان يطير ويهرب منه، فإن طار يمينا ما شاء الله هذه سفرة ميمونة، وإن طار -الطير الحيوان الصغير- يساراً هذه سفرة مشؤومة ورجع إلى بيته وبَطَّل عن سفره، هذا من هنا جاءت كلمة الطيَرة، وقالوا الرسول عليه السلام: «لا طيرة في الإسلام».

أنا أُمَثِّل أحيانا رجل مسلم هيّأ حاله للسفر وفتح الباب وجد اثنين يتخاصموا واحد قال لثاني: «إن شاء الله ربنا الله لا يوفقك»، هذا الذي خرج للسفر بدُّوا يطاير، يتشاءم، لا امضي قدماً ولا تبالي، هذا معنى قول الرسول: «لا يصدنّكم»، لا تتطير أي لا تتجاوب مع الطيرة، قال يا رسول الله إنا منا أقواما يخطون، أي يضربون بالرمل، فقال عليه السلام: «قد كان نبي من الأنبياء يخط فمن وافق خطُه خطَّه فذاك»، أي الضرب بالرمل كان وسيلة ومعجزة لنبي في ذلك الزمان، الزمان الأول، فمن وافق خطه منكم خط ذلك النبي فذاك المصيب، وهذا كما يُسَمِّيه العلماء تعليق بالمحال، أي هذا غير ممكن.

<<  <  ج: ص:  >  >>