للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما بعد:

في الحقيقة أن مسألة التكفير ليس فقط للحُكَّام، بل وللمحكومين أيضاً هي فتنة قديمة تبنتها فِرْقَة من الفرق الإسلامية القديمة وهي المعروفة بالخوارج، والخوارج طوائف مذكورة في كتب الفرق ومنها فرقة موجودة لا تزال الآن باسم آخر وهو الإباضية، وهؤلاء الإباضية كانوا إلى عهد قريب منطوين على أنفسهم، ليس لهم أي نشاط دعوي كما يقال اليوم، لكن منذ بضع سنين بدؤوا ينشطون وينشرون بعض الرسائل وبعض العقائد التي هي عين عقائد الخوارج القدامى إلا أنهم يتسترون ويتشيعون بخصلة من خصال الشيعة ألا وهي التقيّة، فهم يقولون نحن لسنا بالخوارج، وأنتم تعلمون جميعاً أن الاسم لا يُغَيِّر من حقائق المسميات إطلاقاً، وهؤلاء يلتقون في جملة ما يلتقون مع الخوارج تكفير أصحاب الكبائر، الآن يوجد في بعض الجماعات الذين يلتقون مع دعوة الحق في اتباع الكتاب والسنة، ولكنهم مع الأسف الشديد يقعون في الخروج عن الكتاب والسنة من جديد وباسم الكتاب والسنة، والسبب في ذلك يعود إلى أمرين اثنين في فهمي ونقدي، أحدهما هو ضحالة العلم وقِلَّة التَفَقُّه في الدين، والأمر الآخر وهو مهم جداً أنهم لم يتفقوا بالقواعد الشرعية والتي هي من أسس الدعوة الإسلامية الصحيحة التي يعتبر كل من خرج عنها من تلك الفرق المنحرفة عن الجماعة التي أثنى عليها رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في غير ما حديث، بل والتي ذكرها ربنا عز وجل دليلاً واضحاً بيناً على أن من خرج عنها فيكون قد شاق الله ورسوله.

أعني بذلك قوله عز وجل: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>