للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا بد للمسلم أن يجمع بين أمرين اثنين، بين الإخلاص في النية لله عز وجل، وبين حسن الاتباع لما كان عليه النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، فلا يكفي إذاً أن يكون المسلم مخلصاً وجاداً فيما هو في صدده من العمل بالكتاب والسنة، والدعوة إليهما، فلا بد بالإضافة إلى ذلك أن يكون منهجه منهجاً سوياً سليماً.

فمن تلك الأحاديث المعروفة كما أشرت آنفاً حديث الفرق الثلاث والسبعين، ولا أحد منكم إلا وهو يذكره، وهو قوله عليه الصلاة والسلام: «تفرقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وتفرقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة. قالوا: من هي يا رسول الله؟ ! قال: هي ما أنا عليه وأصحابي» نجد أن جواب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لأولئك الذين سألوا عن الفرقة الناجية يلتقي تماماً مع الآية السابقة: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: ١١٥]، فالمؤمنون المقصودون في هذه الآية الكريمة هم الأصحاب أول ما يدخل في عموم الآية: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} هم سبيل أصحاب الرسول عليه الصلاة السلام، فالرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - في الجواب عن ذاك السؤال عن الفرقة الناجية ما هي وما أوصافها، قال: «هي التي تكون على ما أنا عليه وأصحابي»، لم يكتف الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - في هذا الحديث على قوله: «ما أنا عليه» وقد يكون ذلك كافياً في الواقع للمسلم الذي يفهم حقاً الكتاب والسنة، ولكنه عليه الصلاة السلام كتحقيق عملي لقوله عز وجل في حقه: {بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: ١٢٨]، فمن رأفته ورحمته بأصحابه وأتباعه أنه أوضح لهم أن علامة الفرقة الناجية هي التي تكون على ما كان عليه الرسول عليه السلام وعلى ما عليه أصحابه من بعده.

<<  <  ج: ص:  >  >>