المسلم من حيث لا يدري في فتنة الخروج عن جماعة المسلمين التي وقع فيها الخوارج قديماً، وبعض أذنابهم حديثاً.
فإذاً: قوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «وقتاله كفر» لا يعني الخروج عن الملة، وأحاديث كثيرة وكثيرة جداً لو جمعها المتتبع لخرج منها رسالة نافعة في الحقيقة فيها حجة دامغة لأولئك الذين يقفون عند الآية السابقة ويلتزمون فقط تفسيرها بالكفر الاعتقادي، بينما هناك النصوص الكثيرة والكثيرة جداً التي فيها لفظة الكفر ولا يعنى أنها تعني الخروج عن الملة، فحسبنا الآن هذا الحديث؛ لأنه دليل قاطع على أن قتال المسلم لأخيه المسلم هو كفر بمعنى الكفر العملي وليس الكفر الاعتقادي، فإذا عدنا إلى جماعة التكفير وإطلاقهم الكفر على الحكام، وعلى من يعيشون تحت رايتهم وبالأولى الذين يعيشون تحت إمرتهم وتوظيفهم، فوجهة نظرهم هي الرجوع إلى أن هؤلاء ارتكبوا المعاصي فكفروا بذلك، من جملة الأمور التي يذكرني بها سؤال الأخ إبراهيم السائل آنفاً الذي سمعته من بعض أولئك الذين كانوا من جماعة التكفير ثم هداهم الله عز وجل، قلنا لهم: ها أنتم كفرتم بعض الحكام، فما بالكم تكفرون مثلاً أئمة المساجد، خطباء المساجد، مؤذني المساجد، خدمة المساجد، ما بالكم تكفرون أساتذة العلم الشرعي في المدارس الثانوية مثلاً أو الجامعات؟ قال: الجواب لأن هؤلاء رضوا بحكم هؤلاء الحكام الذين يحكمون بما أنزل الله.
يا جماعة هذا الرضى إن كان رضىً قلبيا بالحكم بغير ما أنزل الله، حينئذ ينقلب الكفر العملي إلى كفر اعتقادي، فأي حاكم يحكم بغير ما أنزل الله وهو يرى أن هذا الحكم هو الحكم اللائق بتبنيه في هذا العصر وأنه لا يليق تبني الحكم الشرعي المنصوص في الكتاب والسنة، لا شك أن هذا يكون كفره