للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلنا: لم؟ وهو خالف حكم الشرع. قال: لأن هذا صدر منه ذلك مرة واحدة. قلنا: حسناً، صدر نفس الحكم مرة ثانية أو حكم آخر لكن خالف فيه الشرع أيضاً؟ فهل كفر؟ أخذت أكرر عليهم ثلاث مرات أربع مرات، متى تقول إنه كفر؟ لا تستطيع أن تضع حداً بتعداد أحكامه التي خالف فيها الشرع، تستطيع العكس تماماً، لأنه في الحكم الأول استحسنه واستقبح الحكم الشرعي أن تحكم عليه بالردة، وعلى العكس من ذلك: لو رأيت منه عشرات الحكومات في قضايا متعددة خالف فيها الشرع، لكن قلت له يا شيخ: أنت حكمت بغير ما أنزل الله عز وجل، فلم ذلك؟ والله خفت خشيت على نفسي، أو ارتشيت مثلاً وهذا أسوأ من الأول بكثير .. إلى آخره، مع ذلك لا تستطيع أن تقول بكفره حتى يعرب عن كفره المضمور في قلبه أنه لا يرى الحكم بما أنزل الله عز وجل، حينئذ تستطيع أن تقول بأنه كافر كفر ردة.

إذاً: وخلاصة الكلام الآن أنه لا بد من معرفة أن الكفر كالفسق والظلم ينقسم إلى قسمين: كفر ظلم فسق يخرج عن الملة، وكل ذلك يعود للاستحلال القلبي، وخلاف ذلك يعود إلى الاستحلال العملي، وبخاصة ما فشا في هذا الزمان من استحلال الربا وكل هذا كفر عملي، فلا يجوز لنا أن نكفر هؤلاء بمجرد ارتكابهم معصية واستحلالهم إياها عملياً إلا إذا صدر منهم أو بدا لنا منهم ما يكشف لنا عما في قرارة نفوسهم أنهم لا يحرمون ما حرم الله ورسوله عقيدة، فإذا عرفنا أنهم وقعوا في هذه المخالفة القلبية حكمنا حينئذ بأنهم كفروا كفر ردة، أما إذا لم نعلم ذلك فلا سبيل لنا إلى الحكم بكفرهم؛ لأننا نخشى أن نقع في وعيد قوله عليه الصلاة والسلام: «من كَفَّر

<<  <  ج: ص:  >  >>