والسلام: خير الهدى هدى محمد صلى الله عليه، وآله وسلم، فهل اشتغل الرسول عليه السلام في أول ما بعث بالسياسة أم بالدعوة؟ الجواب المتفق عليه هو الدعوة، لكن الشيء الذي يغفل عنه كثير من الدعاة الإسلاميين فضلاً عن غيرهم أنهم لا يلاحظون الفرق بين العلم الذي كان ينزل فوراً من السماء على قلب الرسول عليه الصلاة والسلام مباشرة ثم هو ينقله من فمه إلى آذان أصحابه، ثم يربيهم
على ذلك التربية سنين طويلة لا يلاحظ الدعاة الإسلاميون اليوم الفرق بين ذلك الوقت وبين وقتنا الحاضر، نحن قد عُرفنا إسلاماً مع الأسف الشديد ليس هو الإسلام الذي نزل على قلب محمد عليه السلام بل ورثناه إسلاماً خليطاً ممزوجاً بأشياء يتبرأ منها الإسلام وأظن أنك والحاضرين جميعاً لستم بحاجة إلى التفصيل وضرب الأمثلة خاصة فيما يتعلق بالعقيدة ثم بالعبادة ثم بالسلوك، فاليوم نحن إذا أردنا أن نعمل عملاً سياسياً كما بدأ الرسول عليه السلام فيه في العهد المدني علينا أن نحقق الخطوة الأولى وهي التي تجب علينا اليوم مما لا بد منه وهو التصفية، الإسلام يومئذ كان مصفىً اليوم ليس مصفىً، فإذا أردنا أن نصفي الإسلام ولكي يثمر ثمرته الأولى فلا بد أن يعود سيرته الأولى في صفائه ونقائه، هذا من حيث العلم، ثم لا بد من قرن هذا العلم بتربية المدعوين إليه تربية مديدة قد تأخذ السنين الطويلة، هذه النقطة في اعتقادي كل الجماعات الإسلامية اليوم التي تحرص على العمل السياسي والتنظيم السياسي يتغافلون أو يجهلون وأحلاهما مر كما يقال، لذلك فيوم يتكتل الألوف المؤلفة من المسلمين على هذا الإسلام المصفى الذي لم يقدم بعد إلى جماعة ما ويوم يربوا هؤلاء الجماعة على هذا الإسلام المصفى، يومئذ نكون قد بدأنا النواة للعمل السياسي نعم.