نفس محمد بيده لو يعلم أحدهم أن في المسجد مرماتين حسنتين لشهدها»، في هذا الحديث وعيد شديد جداً لمن يتخلف عن الصلاة في مسجد المسلمين دون عذر شرعي أنه يستحق أن يحرق بالنار في الدنيا قبل الآخرة؛ ذلك لأن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قد قال كما سمعتم:«لقد هممت أن آمر رجلاً فيصلي بالناس» أي: نيابة عنه: ثم هويفعل ما يأتي، قال:«ثم أخالف إلى أناس يدعون الصلاة مع الجماعة فأحرق عليهم بيوتهم»، أخالف إلى أناس يدعون الصلاة مع الجماعة أي: أباغتهم وأفاجئهم؛ لأن المفروض في هؤلاء المتخلفين أن يجيبوا نداء الله كما قلنا، والمفروض أنهم يعلمون أن الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - يصلي في المسجد إماماً كما هي عادته، ولكنه هم عليه الصلاة والسلام أن يوكل رجلاً أن يصلي نيابة عنه ليباغت المتخلفين عن الصلاة في المسجد فيحرق عليهم بيوتهم.
ثم قال عليه الصلاة والسلام مبيناً البلاء الذي يصيب الكثير من الناس وبخاصة في هذا آخر الزمان كزماننا هذا، أنهم يتخلفون عن الجماعة لأمر دنيوي مهما كان حقيراً، فقال عليه الصلاة والسلام:«والذي نفس محمد بيده لويعلم أنه يجد في المسجد مرماتين حسنتين»، يعني: عظمتين من أسفل قدم الشاة أو المعزاية ترمى عادة في الأرض لا قيمة لها، لو يعلم أنه يجد في المسجد فائدة دنيوية كهاتين المرماتين لشهدها أي صلاة العشاء، إلى هنا ينتهي هذا الحديث وهو من أصح الأحاديث حيث أخرجه الإمامان البخاري ومسلم في صحيحهما، وهنا سؤال قد يرد في خاطر بعض الناس عادة ألا وهو: لماذا هم عليه الصلاة والسلام بحرق المتخلفين عن صلاة الجماعة ولم يفعل؟ قال:«لقد هممت»، لكنه ما فعل، ولذلك هذا الحديث يذكرنا بآية في القرآن الكريم قد يسيء فهمها بعض التالين والقارئين للقرآن الكريم حينما يمرون بقوله تبارك وتعالى في سورة يوسف:{وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ}[يوسف: ٢٤]، فالهم لا