للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصوروا فيه تلك التصاوير»، فيمكن أن ابن عباس أخذ هذا القول من مثل هذا الحديث ومن قوله - صلى الله عليه وآله وسلم - الثابت في صحيح البخاري من حديث أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «لتتبعن سنن من قبلكم شبراً بشبر، وذرعاً بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه».

إذاً: قوله عليه السلام: «لتتبعن سنن من قبلكم» هذا معناه: يشمل كل شيء يقع اليوم وفيه تشبه باليهود والنصارى، فزخرفة المساجد قد وقعت اليوم في كثير من المساجد وكان ذلك نبأ تنبأ به الرسول عليه السلام من قبل، ثم صدقت نبوءته عليه الصلاة والسلام؛ لأنه كما قال ربنا عز وجل في القرآن في حقه: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوإِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: ٣ - ٤]، قال عليه الصلاة والسلام كما ترون في هذا الزمان: «لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس بالمساجد»، والآن ترون المساجد يتباهى القائمون على بنائها بطريقة هندسة بنيانها، وبطريقة طبع الزخارف المختلفة الأشكال والألوان عليها، وهذا مما يلهي المصلين عن الإقبال على رب العالمين عز وجل، ولذلك جاء هناك حديثان اثنان يلفتان نظر المصلين إلى أنه لا ينبغي أن يكون في مسجدهم ما يشغل بالهم أويلهيهم عن الإقبال على الله عز وجل بكل وجودهم، أحد هذين الحديثين: جاء في صحيح البخاري: «أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - صلى يوماً في قميص يسمى بالخميصة، قال عليه الصلاة والسلام بعد أن صلى: خذوا خميصتي هذه وائتوني بأنبجانية أبي جهم فإنها ألهتني وفي رواية كادت أن تلهيني عن صلاتي»، ما الذي كادت أن تلهيه عن صلاته؟ الخميصة، ما هي الخمصية؟ هي ثوب له أعلام، له خطوط أخضر أبلق أزرق أسود إلى آخره، قال: «خذوا خميصتي هذه وائتوني بأنبجانية أبي جهم» ثوب ساذج، «فإن هذه الخميصة كادت أن تلهيني عن صلاتي»، هذا الحديث الأول الذي يلفت نبينا - صلى الله عليه وآله وسلم - أنظارنا إلى أنه لا ينبغي أن نبني مساجدنا

<<  <  ج: ص:  >  >>