وثانياً: على خلاف منهج الرسول عليه الصلاة والسلام وأصحابه الكرام حيث أن كل جماعة مسلمة تقع في مثل هذه الهجمة الشرسة لابد أن ينحوا في مقاومتها منحى الرسول عليه السلام وأصحابه الكرام.
ونحن نرى أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - حينما دعا دعوة الإسلام بدأ بدعوتها فأول شيء بدعوة التوحيد سراً، ثم بدأ أن يجهر بها رويداً رويداً، وآمن به بعض الصحابة كما هو معروف في التاريخ الإسلامي الأول، ولقي هؤلاء الصحابة الأولون ما لقوا من الشدة والضغط والضرب والتعذيب الشديد ما يلقاه كل مسلم مع عدوه، ومع ذلك فما كان موقفهم هو التسرع إلى مجابهة الكفار دون أن يستعدوا لهذه المجابهة بالعدة الواجبة.
ونعتقد بأن عزة المسلم واستعداده ينبغي أن يشتمل على أمرين اثنين:
الأمر الأول: هو الإيمان بالله عز وجل إيماناً صحيحاً قوياً.
والشيء الثاني: أن يتخذ من الوسائل المادية التي تُمَكِّنه أولاً من تقليل المصائب والأضرار في جماعة المسلمين.
وأول ذلك: الهجرة، وثاني ذلك: الأسلحة المادية المعروفة في كل زمان.
وإذا ما عرفنا هذه الحقيقة وخلاصتها: أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لم يشرع في مقاتلة الكفار، ومجابهة القوة بالقوة والسلاح بالسلاح إلا بعد أن كتل جماعة مؤمنين حقاً، ويبيعون أرواحهم رخيصة في سبيل الله عز وجل.
ثم بعد ذلك حينما تيسرت له الأوقات المناسبة حينما هاجر من مكة إلى المدينة بدأ يستعمل القوة والسلاح المادي بعد أن هيأ في المسلمين السلاح الروحي المعنوي.