للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [الحجرات: ٩] ولكن مع الأسف الشديد ليس في هذه الدول العربية كلها أقول مع الأسف لأنه لا يوجد في هذه الدول العربية كلها من يطبق الأحكام الشرعية كلها، ولو كان فيها من يطبق هذه الأحكام كلها فليس فيها من تستطيع أن تحقق الحكم الشرعي المذكور في الآية السابقة، {فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [الحجرات: ٩].

من أجل هذا كان ما وقع من الفتنة الكبرى التي أظن أنا شخصياً أن العالم الإسلامي لم يصب بمثلها من ذوات أنفسهم، سبب ذلك أننا لا نقيم أحكام الإسلام على أرض الإسلام، وأنا لا أخص بهذا الكلام ولا أفرق فيه بين حاكم ومحكوم، فكلنا نشكل هذا الواقع السيء، وقديماً قيل وقد روي حديثاً مرفوعاً إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، ولكنه لا يصح إسناده وإن كان معناه صحيحاً في كثير أو في أكثر الأحيان، ألا وهو قولهم: «كما تكونوا يولى عليكم» وهذا المعنى هو الذي يتمثل في المثل العامي الذي يقول: دود الخل منه وفيه. ولذلك فأنا أعجب من بعض الشباب الذين يصبون كل جام غضبهم على حكامهم وينسون أنفسهم ولا يتذكرون أن هؤلاء الحكام هم منا وفينا، ونبعوا من عندنا، ولم يأتونا من عالم آخر غير عالم أرضنا، الغرض من هذا كله أن نلفت النظر إلى أننا نحن معشر المسلمين جميعاً حكاماً ومحكومين نتحمل مسؤولية هذه الفتنة الكبرى التي وقعت في هذا الزمن وأصابت المسلمين في ديارهم لا يكاد ينجو منها من كانت داره قريبة من الفتنة أو بعيدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>