أقول: كان الواجب على الدولة المسلمة أن تطبق نص هذه الآية الكريمة: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ}[الحجرات: ٩] لكن لم يكن هناك إلا دول، ودول مسلمة أكثر أحكامها أو على الأقل كثير من أحكامها مخالفة للإسلام، فكان أمراً طبيعياً جداً أن لا يتمكن أو ألا يقوم دولة من هذه الدول لتطبيق الآية السابقة، {فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا}[الحجرات: ٩] فإن لم يتحقق الصلح فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله.
لم يقم ولا دولة مسلمة بتطبيق هذه الآية الكريمة، ذلك لأنه لم يكن هناك دولة قد قامت بأحكام الإسلام كلياً ومنها قوله تعالى:{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ}[الأنفال: ٦٠] ....
وقعت الفتنة الثانية ألا وهي إحلال أكبر دولة كافرة وطاغية إحلالها في الديار الإسلامية العربية التي لم يسبق في التاريخ الإسلامي أن وطئتها مثل هذه الأقدام، فاستعانت الدولة السعودية بالدولة الأمريكية وأحلوهم باختيارهم كما يزعمون وليس لنا إلا أن نتمسك بما ينطقون، أحلوهم ديارهم برضاهم بل وبطلب منهم، كانت هذه هي الفتنة الثانية، وادعوا بأن هذه الاستعانة كانت للضرورة لدفع ما قد يقع من اعتداء ثان من المعتدي الأول على الدولة الكويتية، فتحفظاً لمنع مثل هذا الاعتداء الثاني وقعت الدولة السعودية في ما هو أخطر مما كانوا يتوهمون أنه سيقع، وهو إدخالهم للأمريكان والبريطان في بلاد الإسلام دون أن تراق من هؤلاء الكفار قطرة دم، ودون أن يدفعوا الجزية عن يد وهم صاغرون كما هو