للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشيخ: من حيث ما ذهبت لو قلت لإنسان ما تعرفه؟ ما هو مذهبك؟ ماذا يقول لك؟ حنفي .. شافعي .. مالكي .. حنبلي .. شيعي .. زيدي .. إلى آخره، طيب! لماذا أنتم تحرصون على رفع اسم السلف وهذه النسبة التي أنا أعتقد أنه لا يجوز لمسلم أن يتبرأ من هذه النسبة؛ لأن التبرؤ من هذه النسبة هو من مشاققة الله والرسول التي جاء ذكرها في القرآن الكريم وهو قوله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: ١١٥] سبيل المؤمنين، من هم هؤلاء سبيل المؤمنين؟ لا شك أنهم الذين قال عنهم رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في الحديث الصحيح، بل الحديث المتواتر: «خير الناس قرني» وكثير من الناس يروونه بلفظ: «خير القرون» وما وجدنا له أصلًا في كثير من الروايات التي وقفنا عليها واستطعنا أن نحكم على الحديث بأنه من الأحاديث المتواترة، لا يوجد في طريق من هذه الطرق هذا اللفظ المشهور: خير القرون قرني، لا وإنما اللفظ الصحيح: «خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم» هؤلاء هم المقصودون مباشرًة بقوله تعالى: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: ١١٥].

نحن الآن في أوائل القرن الخامس عشر فإلى أي جماعة ننتسب؟ ليس عندنا جماعة ننتسب إلا هذه الجماعة الأولى التي شهد لها رسولنا صلوات الله وسلامه عليه بالخير وبالتزكية، نقول الآن كلامًا جدليًا: متى يتفق المسلمون - ولن يتفقوا - على أن يرفعوا من بينهم كل هذه النسب المذهبية والفكرية؟ حينذاك نلتقي معهم على كلمة سواء وهي: نحن مسلمون؛ لأننا في هذه الحالة نكون قد اتفقنا على الرجوع إلى كتاب الله وإلى حديث رسول الله، وعلى ما كان عليه القرون الثلاثة المشهود لهم بالخيرية، لكن هل هذا سيكون؟ ما أعتقد ذلك لأن الله يقول: {وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} [هود: ١١٨ - ١١٩].

(لقاءات المدينة لعام ١٤٠٨ هـ (٢) /٠٠: ٠٠: ٠٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>