استطاع إليه سبيلاً} [آل عمران: ٩٧] وهذا من الوضوح بمكان فلا يحتاج إلى تفصيل.
والذي يحتاج إلى التفصيل؛ إنما هو التذكير بحقيقتين اثنتين:
الأولى: أن قتال أعداء الله- من أي نوع كان- يتطلب تربية النفس على الخضوع لأحكام الله واتباعها؛ كما قال - صلى الله عليه وآله وسلم -:
«المجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله».
والأخرى: أن ذلك يتطلب الإعداد المادي والسلاح الحربي؛ الذي ينكأُ أعداء الله؛ فإن الله أمر به أمير المؤمنين فقال:{وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم}[الأنفال: ٦٠].والإخلال بذلك مع الاستطاعة؛ إنما هو من صفات المنافقين، ولذلك قال فيهم رب العالمين:{ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عُدَّةً}[التوبة: ٤٦].
وأنا اعتقد جازماً أن هذا الإعداد المادي لا يستطيع اليوم القيام به جماعة من المؤمنين دون علم من حكامهم- كما هو معلوم-، وعليه؛ فقتال أعداء الله من جماعة ما سابق لأوانه، كما كان الأمر في العهد المكي، ولذلك؛ لم يؤمروا به إلا في العهد المدني؛ وهذا هو مقتضى النص الرباني:{لا يكلف الله نفساً إلا وسعها}[البقرة: ٢٨٦].