النظر الآن عن اختلاف مذاهبهم ومشاربهم؛ ذلك لأن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - هو المرجع الثاني بعد الرب تبارك وتعالى، ونعني: كما أن الرجوع ينبغي أن يرجع المسلم إلى ربه، أي: إلى كتابه فكذلك يجب على المسلم أن يرجع إلى نبيه أي: إلى سنته؛ ذلك لأن الله عز وجل أمر المسلمين بأن يتمسكوا بكتاب الله عز وجل من جهة وبسنة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - من جهة أخرى.
وكما أوضح في غير ما آية في القرآن الكريم أن القرآن الذي هو الأصل لهذا الإسلام باتفاق المذاهب والفرق فقد بين فيه أن هذا القرآن لا سبيل إلى فهمه فهماً صحيحاً إلا من طريق بيانه عليه الصلاة والسلام كما في قوله عز وجل:{وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}[النحل: ٤٤] فهذا البيان هو ما يعرف عند علماء المسلمين بالسنة أو بالحديث النبوي وحينئذ فإذا كان من الواجب أن يتثبت المسلم فيما يأتيه عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - من أحاديث فعليه أن يتبنى طريقاً علمياً تطمئن له النفس وتنشرح له الصدر ليتوصل بهذا الطريق إلى معرفة ما قاله عليه السلام وما فعله عليه السلام بياناً للقرآن.
فهنا نقف مع الفرق كلها: ما هو الطريق لمعرفة السنة أو البيان بالتعبير القرآن؟ ما هو الطريق عندكم؟ أما طريقنا نحن فهو معروف بما يسمى بالسند، أي: أن يروي الثقة عن الثقة عن الثقة عن الثقة وهكذا متسلسلاً آخذ بعضهم عن بعض إلى أن ينتهي الخبر إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - مع ملاحظة أن هناك أسباباً تمنع