دخلوا جحر ضب لدخلتموه، قالوا: اليهود والنصارى؟ قال عليه الصلاة والسلام: فمن الناس» فمما كان عليه النصارى الرهبنة فتأثر بعض المسلمين وقلدوهم في ذلك، حتى أن الرهبنة بدأت تظهر قرنها في عهد الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - لأن الرهبنة في الحقيقة أمر ترتاح إليه النفس البشرية المائلة إلى الإعراض عن زخارف الدنيا فتزين النفس لصاحبها مثل هذه الرهبنة، ولذلك فقد برزت قرنها في زمن الرسول عليه السلام في شخص بعض أصحابه - صلى الله عليه وآله وسلم - من ذلك مثلاً ما جاء في صحيح البخاري «أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كان آخى بين أبي الدرداء وبين سلمان الفارسي تلك الموآخاة التي لا مثيل لها في الدنيا كلها وكان ذلك وسيلة لتقوية الروابط بين المهاجرين والأنصار في المدينة، وكان من جملة من آخى بينهما الرسول عليه الصلاة والسلام أبو الدرداء الأنصاري وسلمان الفارسي، وكانوا بحكم هذه الموآخاة أو كان من لوازمها الإكثار من التزاور فجاء ذات يوم سلمان الفارسي إلى دار أبي
الدرداء فدخل وسلم فوجد زوجة أبي الدرداء ولم يرى أخاه أبا الدرداء فلفت نظره حالة أم الدرداء وهيئتها الرثة فقال لها ما هذا يا أم الدرداء؟ قالت هذا أخوك أبو الدرداء لا حاجة له في الدنيا، فأسر سلمان في نفسه وسرعان ما رجع أبو الدرداء إلى داره فبادر ووضع له الطعام فاتني شيء كان من كلام أم الدرداء أن قالت: هو قائم الليل صائم النهار فلا حاجة له بالدنيا، لما جاء أبو الدرداء بادر ووضع له الطعام فلما جلس هو أمسك - وكان قد عرف من أم الدرداء أنه صائم- فلم يأكل