ويقول آخر: لما عبد المجوس النار، ما عبدوا إلا الواحد القهار.
ذلك لأنهم يعتقدون قول الطبائعيين والدهريين أنه ليس هناك خالق متميز بصفاته عن المخلوقات، ما هو إلا هذا الدهر، وهذا ما صرح به القرآن الكريم:{وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ}[الجاثية: ٢٤] عن الكافرين الأولين، فلذلك نفي القول بأن الله في السماء المصرح به في القرآن وحديث الجارية وغيره، يلزم هؤلاء النفاة أن يقولوا إنه الله تحت السماء، أو أن يقولوا إن الله في كل مكان، وسواء قالوا هذا أو ذاك فهو كفر.
أما حينما يقول المسلم: إن الله على العرش استوى، استواء يليق بجلاله وكماله، هذا الاستواء هو العلو الذي يسبح الله به حينما يسجد متواضعاً لربه فيقول: سبحان ربي الأعلى .. سبحان ربي الأعلى.
ما الذي ينبغي على المسلم أن يفكر وأن يفسر قوله: سبحان ربي الأعلى، إذا لم يؤمن بأنه حقيقة الله على العرش استوى، وإنما آمن بأنه معه في الأرض أو تحت السماء، بينما الله عز وجل كما هو عقيدة السلف الرحمن استوى استواء يليق بجلاله، ويفسر عبد الله المبارك هذا الاستواء بقوله: الله تبارك وتعالى فوق العرش بذاته، وهو بائن من خلقه، وهو معهم بعلمه، الله لا تغيب عليه غائبة في الأرض ولا في السماء، ولكنه على العرش استوى.