كما قلنا آنفاً لا يختلف فيها اثنان ولا ينتطح فيها أيضاً عنزان كما قيل في قديم الزمان.
لكننا إذا دخلنا في التفاصيل فهناك سنجد أن المسلمين اليوم مختلفون مع الأسف في هذا العلم النافع الذي هو السبب الأول لنصر الله عز وجل لعباده المؤمنين، لماذا؟ لماذا يكون الخلاف في تعريف العلم النافع؟ ذلك لأنه مضى على المسلمين قرون كثيرة وسنين عديدة وهم قد انصرفوا عن كتاب الله وعن سنة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - دراسةً وتفقهاً فيهما هذا الفقه الذي أراده نبينا صلوات الله وسلامه عليه في الحديث الصحيح المتفق عليه:«من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين» الفقه في الدين أخذ تعريفاً خاصاً وهو: أن يتفقه الإنسان على مذهب من المذاهب المتبعة اليوم، لا أقول الآن المذاهب الأربعة؛ لأن كلامي ليس محصوراً في المسلمين المعروفين بأهل السنة، وإنما كلامي ينصب على كل المسلمين الذين تجمعهم شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله حيث يصلون صلاتنا ويستقبلون قبلتنا ويأكلون ذبائحنا، كل من فعل ذلك كان منا وكان له ما لنا وعليه ما علينا.
هؤلاء المسلمين كافة انصرفوا لا أعني أيضاً حتى ما يتبادر إلى ذهن البعض مالا أقصده ولا أعنيه: لا أعني أفراد المسلمين العامة، وإنما أعني خاصتهم حينما أقول: إنهم انصرفوا عن التفقه في كتاب الله وفي حديث رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - إلى التفقه في دائرة محدودة جداً ألا وهي دائرة المذهبية الضيقة، أما أهل السنة فهم يتبعون الأئمة الأربعة، أما الآخرون فحدث ولا حرج فإنهم يتبعون أئمة آخرين هم بلا شك من أفاضل علماء المسلمين ولكن أقوالهم واستنباطاتهم الفقهية لم تصل إلى أتباعهم بالطرق العلمية الصحيحة كما وصلت أقوال الأئمة الأربعة