للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في بعض الأحاديث التي سبق ذكرها وهو نهيه - صلى الله عليه وآله وسلم - عن اتباع السنن الذين من قبلنا، وذكر لنا اليهود بخاصة حينما حرم الله عز وجل عليهم الشحوم كما قال رب العالمين في القرآن الكريم: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ} [النساء: ١٦٠] من هذه الطيبات المحرمة أيضاً بنص القرآن هي الشحوم، وقد جاء في الحديث السابق: «لعن الله اليهود حُرِّمَت عليهم الشحوم فجملوها ثم باعوها وأكلوا أثمانها، وإن الله عز وجل إذا حرم أكل شيء حرم ثمنه» هنا نجد أن اليهود تلاعبوا بالحكم الشرعي ألا وهو تحريم الشحوم , ربنا عز وجل حكيم عليم بظلم اليهود ,حرم عليهم الشحوم أي: كان اليهود إذا ذبح الشاة أو الكبش السمين أكل اللحم الأحمر فقط ورمى الشحم إلى الأرض ائتماراً منه بأمر الله عز وجل، ثم لم يصبر اليهود على هذا الحكم الشرعي فاحتالوا على استحلاله فذوبوا هذا الشحم ذلك معنى قوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: فجملوها أي: ذوبوها ألقوا الشحوم في هذه القدور وأوقدوا النار من تحتها فأخذت الشحوم شكلاً آخر وهو استواء الشحم كاستواء الماء السطح مستو، أوهمهم الشيطان وسول لهم وزين لهم أن الشحم الآن خرج عن كونه شحماً وهم يعلمون أنه لا يزال في طبيعة تركيبه وطعمه ولذته لا يزال شحماً، إذاً: هم غيروا الشكل من أجل الأكل كما يقال في بعض البلاد ولكنهم في هذا التغيير استحلوا ما حرم الله ..

لم يقص رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قصة استحلال اليهود لهذه الشحوم بهذه الحيلة ومع قص ربنا عز وجل قصة اليهود في احتيالهم الصيد للسمك يوم السبت بحصر السمك في الخلجان كما هو مذكور في التفاسير .. ما قص الله علينا ذلك ولا نبينا - صلى الله عليه وآله وسلم - من أجل التأريخ فقط، وإنما كما قال: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُوْلِي الأَلْبَابِ} [يوسف: ١١١] فالعبرة هنا في القصتين: قصتهم مع السمك، وقصتهم مع الشحم ألا نقع فيما وقعوا من الاحتيال على ما حرم الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>