للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بغيره، هذه الاستعانة سواءً علينا سميناها استعانة، وهي تسمية صحيحة، أو سميناها استغاثة، وهي أيضاً تسمية صحيحة، أو سميناها توسلاً، وهي تسمية خاطئة، هذه الأسماء تدل على مسمى واحد، بعض هذه الأسماء صحيح كالاستغاثة والاستعانة، وبعضها توسل، هذا تسمية الاستعانة بغير الله والتوسل بغير الله توسلاً من باب قوله عليه السلام في غير هذه المناسبة (يسمونها بغير اسمها).

فقول القائل: يا رسول الله أغثني زعموا أن هذا توسل، لا هذا دعاء لغير الله، وهذا استعانة بغير الله، وهذا إشراك بتوحيد العبودية، لأن الذي ينادي غير الله خاصة في الشدائد فقد عبده من دون الله عز وجل، ومن الدليل على ذلك وهو مذكور في القرآن وفي السنة قول الله عز وجل {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ} تدعون، ما قال تعبدون، لكن الحقيقة أن هذه الآية تعني تدعون أي تعبدون، فسواء قلت يعبدون غير الله، أو يدعون غير الله، فكلا التعبيرين يؤدي إلى حقيقة واحدة، وهي أنهم يستعينون بغير الله عز وجل، وهذا إخلال بتوحيد الإلوهية، وليس إخلالاً بتوحيد الربوبية، ولذلك من لا يعرف هذا التفصيل الذي جاء في الكتاب والسنة وجرى على ذلك سلف الأمة إلى ما قبل قرون قليلة، ثم انحرف الخط على بعض المسلمين ففهموا لا إله إلا الله بمعنى لا رب إلا الله، وهذا المعنى ما كفر به المشركون بل كانوا يؤمنون به، لكنهم كفروا بهذا المعنى الصحيح الذي جهله كثير من المسلمين ألا وهو توحيد الألوهية أو توحيد العبودية أو العبادة.

في سورة من القرآن {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} إذاً المشركون يؤمنون بتوحيد الربوبية، لا يعتقدون بأن هناك كما هو دين المجوس بأن هناك خالقاً للخير وخالقاً للشر مثلاً، وإنما يعتقدون أن الخالق هو الله وحده لا شريك له، إذاً من أين جاء شركهم؟ ولماذا قاتلوا نبيهم إذا دعاهم إلى لا إله إلا

<<  <  ج: ص:  >  >>