الزمان، فلما بدأت الشكاوى تتكاثر على القضاة الإسلاميين من كثرة وقوع المفارقة التي لا حل لها إلا بعد أن تنكح زوجاً غيره، نظروا فوجدوا هذه المشكلة قائمة، فلم يجدوا لها حلاً إلا بالرجوع لا أقول إلى السنة، وإنما بالرجوع إلى من كان يتمسك بالسنة، والفرق بالنسبة لنا جوهري جداً، لأن الذين حلوا مشكلة كثرة الطلاق بين المسلمين في هذا العصر لجأوا إلى أقوال منها ما يصح ومنها ما لا يصح، ليس بدعوى اتباع الأصح، وإنما اتباع ما يناسب الزمان.
الذي يناسب الزمان اليوم بأنه الطلاق بلفظ الثلاث واحد أصح من أن نقول كما كانوا يقولون من قبل بأنه ثلاث، عمر بن الخطاب رضي الله عنه في هذه المسألة اجتهد كما اجتهد في المسألة الأولى، لكني أفرق بين اجتهاده هذا واجتهاده في المسألة الأولى، المسألة الأولى لا أجد لها وجهاً، المسألة الأخرى أجد لها وجهاً من باب مراعاة تغير الأحكام بتغير الزمان، ذلك مما هو واضح في الحديث الذي يقول بأن عمر جعل الطلاق بلفظ ثلاث ثلاثاً أنه لفت النظر لماذا فعل ذلك؟
الجواب: تأديباً للذين يكثرون استعمال الطلاق والإكثار منه، ومخالفة الشرع في طريقة إلقائه، الشرع يقول في القرآن الكريم:{الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوتَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}[البقرة: ٢٢٩]، {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ}[البقرة: ٢٣٠] معنى الآية الكريمة: الطلاق الشرعي مرتان، في كل مرة إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، الطلاق مرتان يعني: مرة مرة، ليس مرتان، أنت تعرف مرتين، لا، الطلاق مرتان مرة بعد مرة، في كل مرة إما إمساك وإرجاع، وإما تسريح بإحسان، فالذي يقول لزوجته: أنت طالق ثلاثاً لقد جمع ما فرق الله، وشدد فيما يسر الله، ربنا قال في كل مرة إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، هو