الحديث قال لهم:«وهذا معاذ بن جبل يقول: هم في الشام» هذه رواية صحيحة.
الرواية الأخرى المرفوعة إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وهي ضعيفة أنها في أكناف بيت المقدس، هذه مرفوعة ولكنها ضعيفة السند، وهذا وذاك أي: هذه الرواية الضعيفة وتلك الرواية الصحيحة الموقوفة لا تنفي أن تكون الطائفة المنصورة في بعض البلاد الإسلامية، وليس تكون محصورة في الشام، مثلاً إذا فرضنا أن هذا الحديث الموقوف له حكم المرفوع، وإذا سلمنا بأن هذا الحديث الموقوف هوفي حكم المرفوع فلا شك أنه سيكون الأمر كذلك، ونحن أشرنا آنفاً إلى أن المؤمنين موجودون في كل بلاد الإسلام ولو أنها قلة وقلة ضعيفة ومبعثرة ومتفرقة، ولكن في النهاية حينما تريد أن تقيم حكم الله في الأرض فلا بد أن يكونوا متجمعين في مكان معين وعلى ذلك فلا يبعد أن يكون هذا المكان هو الشام كما قال معاذ بن جبل رضي الله عنه كما في صحيح البخاري، ثم لا نستبعد أن يكون أخص بلاد الشام هي دمشق الشام حيث قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح:«فسطاط المسلمين يوم الملحمة الكبرى في الغوطة بجانب مدينة يقال لها دمشق، هي خير مدائن الشام يومئذ» هذا حديث صحيح، لكن متى يكون هذا؟ الله أعلم.
ونحن بهذه المناسبة نقول: يجب أن نسعى لنكون من تلك الطائفة المنصورة علماً ثم من الطائفة المنصورة جهاداً وقتالاً، وليس يهمنا أن نقيم هذه الدولة قبل أن نتخذ أسباب إقامتها، سواء كانت هذه الأسباب معنوية أو مادية كما شرحت لكم آنفاً ذلك انطلاقاً من قوله تبارك وتعالى:{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}[الأنفال: ٦٠]. الآية. تفضل.