للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حلقاً في المسجد وفي وسط كل حلقة منها رجلاً، يقول لمن حوله: سبحوا كذا، احمدوا كذا، كبروا كذا، وأمام كل رجل منهم حصى يَعُدُّ به التسبيح والتحميد والتكبير، قال ابن مسعود: أفلا أنكرت عليهم، هنا الشاهد، قال: لا، انتظار أمرك، أو انتظار رأيك، هذا هو الأدب، أبو موسى هو من كبار أصحاب الرسول عليه السلام، ومن علمائهم، لكنه يعلم أنه ليس بمثابة ابن مسعود في الفقه بالكتاب والسنة، فقال: لا ما أنكرت عليهم، انتظار أمرك، أو انتظار رأيك، قال: أفلا أنكرت عليهم وأمرتهم أن يَعُدُّوا سيئاتهم وضمنت لهم أن لا يضيع من حسناتهم شيء، ثم دخل داره وخرج متنقباً متلثماً، حتى دخل المسجد ورأى تلك الحلقات كما وصف له أبا موسى، فقال لهم: ويحكم ما هذا الذي تصنعون، أنا عبد الله ابن مسعود صحابي رسول الله صلى الله عليه وآلة وسلم، قالوا: يا أبا عبد الرحمن، وهذا لسان كل المبتدعة، لسان كل المبتدعة، أنهم يقولون كما ستسمعون، قالوا: والله يا أبا عبد

الرحمن ما أردنا إلا الخير، قال، وهذا جوابنا للمبتدعة كلهم، وكم من مريد للخير لا يصيبه، إن محمدً صلى الله عليه وآلة وسلم، حدثنا أن أقواما يقرؤون القرآن يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، قال شاهد هذه القصة، فلقد رأينا أولئك الأقوام، أصحاب الحلقات، أصحاب الذكر غير المشروع، فلقد رأينا أولئك الأقوام يقاتلوننا يوم النهروان، أي صاروا من الخوارج، الذين خرجوا على أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب، وقاتلوه، وقاتلهم، حتى استأصل شأفتهم، ولم ينج منهم إلا القليل، هذه هي القصة والعبرة منها أن أبا موسى لم يتقدم بين يدي ابن مسعود لينكر ذلك المنكر الذي وصفه بأنه لم يرى إلا خيراً، لماذا؟ ، لأنه تسبيحاً وتحميداً وتكبير، وهذا خير، ولكن الإنكار إنما جاء بمن ضم إلى هذا الذكر من زيادات وإضافات جعلت هذا الذكر بدعةً، كما يقول الإمام أبو إسحاق الشاطبي، بدعةً إضافية

<<  <  ج: ص:  >  >>