ينطمس على قلبه وينسى بكليته دعوته أن الحاكمية لله، لماذا؟ لأن المقصود فقط محاربة جانب من الناس وهم الحكام، ثم محاربتهم بماذا؟ فقط في الكلام، ولا شيء من العمل، والعمل يبدأ من نقطة الصفر، انطلاقاً من الأساس إلى قمة الأهرام أو الجبل أو البنيان الشاهق، فهم يختلفون عنا، نحن نبدأ بما بدأ به رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - بالتوحيد بالأركان الخمسة بتعليم المسلمين ما جاء به سيد المرسلين عليه الصلاة والسلام، ونمشي مشية وئيدة بطيئة ولو كمشية السلحفاة، ولكننا سنصل إن شاء الله، أما أولئك فقد مضى عليهم قرابة قرن من الزمان، وهم يصيحون: الحاكمية لله، ثم لا شيء من الحكم بأحكام الله عز وجل في خواص أنفسهم، لو أن أحدهم قلت له: صل كما أمرك الله، لما استطاع أن يصلي، حج، ما يستطيع أن يحج، يقل: في المسألة ثلاثة أقوال؛ حج إفراد وحج تمتع وحج قران ونحو ذلك، فإذا سألته: ما الذي انتهى إليه حكم رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - عن ربه؟ لم يحر جواباً، لماذا؟ لأنهم شغلوا بالألفاظ دون المعاني، فمثل هؤلاء هم
الذين ينسبوننا إلى الجمود؛ ذلك لأننا لا نصيح صياحهم، ولا ندعي دعواهم، وإنما نقول:
فهذا هو الحق ما به خفاء ... فدعني عن بنيات الطريق
فهم سلكوا السبل التي دائماً نحن نذكرها في الحديث الصحيح:«أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - خط ذات يوم خطاً مستقيماً، وخط على جانبيه خطوطاً قصيرة، وقرأ قوله تعالى:{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ}[الأنعام: ١٥٣]، ثم قال عليه السلام: هذا صراط الله وهذه طرق، وعلى رأس كل طريق منها شيطان يدعو الناس إليه»، فهؤلاء لا يسيرون معنا على الخط المستقيم، نحن ولو أننا فرضنا أنفسنا أننا في أول الخط، المهم أن نمسك الخط وأن نظل نمشي فيه حتى يأتينا اليقين، أما أولئك فقد خرجوا عن الخط، ولذلك فكلما مضوا خطوة ابتعدوا عن الخط المستقيم، نحن كلما سلكنا خطوة