وأنا في اعتقادي أن التاريخ يعيد نفسه، فكما كان المسلمون في العهد الأول لا هم لهم إلا أن يفهموا الدعوة من منبعها من رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وليس أن يجابهوا الكفار والمشركين إلا حوادث فردية قد تقوم، لكن كتكتل وتجمع لم يقع ذلك إلا بعد أن هاجر رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - من مكة إلى المدينة.
فهذه شنشنة نعرفها من أخزم، وبخاصة أنا قد وقعنا في تجارب عديدة في بعض البلاد الإسلامية من الإعلان في محاربة الكافر الذي يحكم بغير ما أنزل الله دون الاستعداد النفسي والمادي، فما كان عاقبة ذلك إلا خسارة لحقت بالدعوة الإسلامية في كثير من البلاد الإسلامية، ولذلك فنحن يجب أن نمشي، أن نأخذ بالأسباب الشرعية والكونية في الدعوة إلى المعرفة بالإسلام والعمل به، كما كنت أجمل ذلك بكلمتين موجزتين وهي لا بد من «التصفية والتربية»، وكل الأحزاب الإسلامية لا تقوم على هذين الركيزتين: التصفية والتربية.
ليس هناك تصفية بدليل أنك لو نظرت في كل جماعة أو في كل حزب هل عندهم علماء في التفسير، علماء في الحديث، علماء في الفقه المستنبط من الكتاب والسنة؟ بعد ذلك علماء في السياسة، علماء في الاقتصاد؟ ليس هناك شيء من هذا إطلاقاً، فإذاً كيف يستطيعون أن ينهضوا بهذا العمل العظيم جداً وهو تطبيق الحكم الإسلامي على وجه الأرض وإعادة الخلافة الراشدة؟ فاقد الشيء لا يعطيه.
لذلك لا بد من اتخاذ هذه المقدمات التي تقوم على هاتين الكلمتين التصفية والتربية، وليس هناك علماء يُصَفُّون الإسلام من كل دخيل فيه سواء كان في العقيدة أو في الأحكام أو في السلوك أو في العلوم الحديثة التي جدت اليوم مما يعرف بالسياسة أو اقتصاد أو نحو ذلك.