السنة المحفوظة لدى المذاهب الأخرى، وليس على هذا أهل الحديث فإنهم يأخذون بكل حديث صح إسناده.
في أي مذهب كان، ومن أي طائفة كان راويه ما دام أنه مسلم ثقة، حتى لوكان شيعيا أو قدرياً أو خارجياً فضلاً عن أن يكون حنفياً أو مالكياً أو غير ذلك، وقد صَرَّح بهذا الإمام الشافعي رضي الله عنه حين خاطب الإمام أحمد بقوله:
«أنتم أعلم بالحديث مني، فإذا جاءكم الحديث صحيحا فأخبرني به حتى أذهب إليه سواء كان حجازيا أم كوفيا أم مصريا» فأهل الحديث - حشرنا الله معهم - لا يتعصبون لقول شخص معين مهما علا وسما حاشا محمد - صلى الله عليه وآله وسلم -، بخلاف غيرهم ممن لا ينتمي إلى الحديث والعمل به، فإنهم يتعصبون لأقوال أئمتهم - وقد نهوهم عن ذلك - كما يتعصب أهل الحديث لأقوال نبيهم! ! فلا عجب بعد هذا البيان أن يكون أهل الحديث هم الطائفة الظاهرة والفرقة الناجية، بل والأمة الوسط، الشهداء على الخلق.
ويعجبني بهذا الصدد قول الخطيب البغدادي في مقدمة كتابه " شرف أصحاب الحديث " انتصاراً لهم ورداً على من خالفهم:
" ولو أن صاحب الرأي المذموم شُغِل بما ينفعه من العلوم، وطلب سنن رسول رب العالمين، واقتفى آثار الفقهاء والمحدثين، لوجد في ذلك ما يغنيه عن سواه، واكتفي بالأثر عن رأيه الذي يراه، لأن الحديث يشتمل على معرفة أصول التوحيد وبيان ما جاء من وجوه الوعد والوعيد، وصفات رب العالمين - تعالى عن مقالات الملحدين - والإخبار عن صفة الجنة والنار، وما أعد الله فيها للمتقين والفجار، وما خلق الله في الأرضين والسماوات وصنوف العجائب وعظيم الآيات وذكر الملائكة المقربين، ونعت الصافين والمسبحين وفي