كان خروج الدم ناقضاً لبين ذلك، لما هو معلوم من أصول الفقه أنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، فإن استمر المخالف في المكابرة وفي ادعاء لا ليس هناك نص أن الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - اطلع، نقول له حسبك أن رب الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - اطلع، وهذا لا يمكن إنكاره، فإذ لم ينزل شرع يبين أن خروج الدم ناقض للوضوء، كانت القصة حجة لمن يحتج بها على أن خروج الدم لا ينقض الوضوء.
الشاهد من هذا ومن ذاك أن فهم الإسلام فهماً صحيحاً لا سبيل إليه إلا بمعرفة سيرة الصحابة وتطبيقهم لهذا الإسلام العظيم الذي تلقوه عنه - صلى الله عليه وآله وسلم - إما بقوله، وإما بفعله، وإما بتقريره.
لذلك نعتقد جازمين أن كل جماعة لا تقوم قائمتها على هذا الأساس من الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح دراسة واسعة جداً محيطة بكل أحكام الإسلام كبيرها وصغيرها، أصولها وفروعها، فليست هذه الجماعة من الفرقة الناجية ومن التي تسير على الصراط المستقيم الذي أشار إليه الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - في الحديث الصحيح.
وإذا فرضنا أن هناك جماعات متفرقة في البلاد الإسلامية على هذا المنهج، فهذه ليست أحزاباً وإنما هي جماعة واحدة ومنهجها منهج واحد، وطريقها طريق واحد، فتفرقهم في البلاد ليس تفرقاً فكرياً عقدياً منهجياً، وإنما هو تفرق لتفرقهم في البلاد بخلاف الجماعات والأحزاب التي تكون في بلد واحد، ومع ذلك فكل حزب بما لديهم فرحون.
هذه الأحزاب لا نعتقد أنها على الصراط المستقيم، بل نجزم بأنها على تلك الطرق التي على رأس كل طريق منها شيطان يدعو الناس إليها.