للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انحرف عن هذه الدعوة؛ لأن هذا المنهج قد قام على أساس أعبر أنا عنه بأنهم يدعون إلى تكثير الناس وتجميعهم ثم إلى تثقيفهم ثم بعد ذلك لا تكثير ولا تثقيف وقد مضى عليهم أكثر من نصف قرن من الزمان وقد انبح صوتهم؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قائدهم وأكثرهم إلى العصر إلا من قيض الله له مجتمعاً صالحاً كهذا المجتمع هنا أو هناك عرفوا العقيدة الصحيحة فآمنوا بها ولكن ارتضوها فقط لأنفسهم ولا يرون من صالح دعوتهم أن يدعو الناس إلها لماذا؟ لأنه يخالف أساس دعوتهم القائمة على أساس كثر ثم ثقف، أما دعوة محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - فهي على العكس من ذلك ثقف .. {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: ١٢٥] ثم لا عليك: {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف: ٢٩].

هذه هي دعوتنا وهذه هي طريقتنا ولا يمكن نحن نقطع بهذا جازمين أن تقوم قائمة الدولة المسلمة التي لا يختلف فيها كل الإسلاميين من وجوب تحقيقها ولكن اختلفت الوسائل والأسباب فمن أخذ بالوسائل التي جاء بها الشرع وهي قد لخصها ذلك الداعية في هذه الكلمة الجوهرية: أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم تقم لكم في أرضكم، أي: كما قال تعالى: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [التوبة: ١٠٥].

وبهذا القدر كفاية، والحمد لله رب العالمين.

(رحلة النور ٠٦ ب/٠٠: ١٢: ١١)

<<  <  ج: ص:  >  >>