للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكن بعض الدعاة الذين لم يتشربوا هذه الدعوة بقلوبهم، ولم تجري في جوارحهم مجرى الدم من أبدانهم يكتفون بالدعوة إلى الكتاب والسنة، وهي كلمة لم يظهر بعد آثارها في دعوة هؤلاء عمليًا.

لذلك فالكلمة التي تجمع الأمة: هي بالرجوع إلى الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح، أما الرجوع إلى الكتاب والسنة فهذا أمر أصبح أمرًا متفقًا عليه والحمد لله الآن ولو في الظاهر بين جميع الجماعات الإسلامية، لصريح القرآن في ذلك، كما قال عز وجل: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: ٥٩].

هذا نص صريح بالرجوع إلى الكتاب والسنة، لأن علماء التفسير اتفقوا على أن الرجوع إلى الله إنما الرجوع إلى كتابه، والرد إلى الرسول إنما هو الرجوع إلى سنته، أما اشتراط الرجوع إلى الكتاب والسنة زائد: على منهج السلف الصالح، فلقول الله تبارك وتعالى، ولأحاديث معنى هذه الآية، ألا وهي قوله عز وجل: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: ١١٥].

الشاهد من هذه الآية: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: ١١٥] كان يمكن أن تكون الآية مختصرة على نحو: ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرًا، دون قوله: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: ١١٥] فلماذا ذكر رب العالمين هذه الجملة؟ عبثًا؟ ! حاشاه عز وجل، فكل كلمة بل كل حرف في كلامه عز وجل له معنًى يفهمه أهل اللغة التي نزل القرآن بلغتهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>